يَا بَنِيَّ اذْكُرُوا صَاحِبَ الرَّغِيفِ
ورد في : مصنف أبي بكر بن أبي شيبة: 7/ 61:
أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان ،قال أخبرنا أبو الفضل أحمد بن أحمد ،قال حدثنا أبو نعيم الحافظ ، قال حدثنا عبد الله بن محمد بن شبل،قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه،قال حدثنا أبو عثمان ،عَنْ أِبِي بُرْدَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ أَبَا مُوسَى الوَفَاةَ قَالَ: يَا بَنِيَّ اذْكُرُوا صَاحِبَ الرَّغِيفِ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَةٍ - أَرَاهُ قَالَ- : سَبْعِينَ سَنَة، لَا يَنْزِلُ إِلَّا فِي يَوْمِ أَحَد، قَالَ: فَنَزَلَ فِي يَوْمِ أَحَد، قَالَ: فَشَبَّهَ أَوْ شَبَّ الشَّيْطَانُ فِي عَيْنِهِ امْرَأَة ، فَكَانَ مَعَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَ لَيَالٍ، قَالَ: ثُمَّ كُشِفَ عَنِ الرَّجُلِ غِطَاؤُهُ فَخَرَجَ تَائِبًا،فَكَانَ كُلَّمَا خَطَا خُطْوَةً صَلَّى وَسَجَدَ، قَالَ: فَآوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى مَكَانٍ عَلَيْهِ اثْنَا عَشَرَ مِسْكِينًا، فَأَدْرَكَ الإعْيَاءَ فَرَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْهُمْ، وَكَانَ ثَمَّ رَاهِبٌ يَبْعَثُ إِلَيْهِمْ كُلَّ لَيْلَةٍ بِأَرْغِفَةٍ، فَيُعْطِي كُلَّ إِنْسَانٍ رَغِيفًا، فَجَاءَ صَاحِبُ الرَّغِيفِ فَأَعْطَى كُلَّ إِنْسَانٍ رَغِيفًا، وَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ الذِي خَرَجَ تَائِبًا، فَظَنَّ أَنَّهُ مِسْكِينٌ فَأَعْطَاهُ رَغِيفًا، فَقَالَ المَتْرُوكُ لِصَاحِبِ الرَّغِيفِ: مَالَكَ، لَمْ تُعْطِنِي رَغِيفِي، مَا كَان لَكَ عَنْهُ غِنَى، قَالَ: تَرَانِي أُمْسِكُهُ عَنْكَ، سَلْ هَلْ أَعْطَيْتُ أَحَدًا مِنْكُمْ رَغِيفَيْنِ، قَالُوا: لَا، قَالَ: إِنِّي أُمْسِكُ عَنْكَ وَاللهِ لَا أُعْطِيكَ شَيْئًا اللَيْلَةَ، قَالَ: فَعَمَدَ التَّائِبُ إِلَى الرَّغِيفِ الذِي دَفَعَهُ إِلَيْهِ، فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلِ الذِي تَرَكَ فَأَصْبَحَ التَّائِبُ مَيْتًا، قَالَ: فَوُزِنَتِ السَّبْعُونَ سَنَةٍ بِالسَّبْعِ اللَيَالِي فَلَمْ تَزَلْ، قَالَ: فَوْزِنَ الرَّغِيفُ بِالسَّبْعِ اللَيَالِي، قَالَ: فَرَجَعَ الرَّغِيفُ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَا بَنِيَّ اذْكُرُوا صَاحِبَ الرَّغِيفِ".
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم 1/ 173" ... وقد صح من رواية أبي بردة
"أنَّ أبا موسَى لما حضَرتهُ الوفاةُ قال : يا بَنِيَّ, اذكروا صاحبَ الرَّغيفِ : كان رجلٌ يتعبَّدُ في صَومعةٍ أُراهُ سبعينَ سنةً, فشبَّهَ الشَّيطانُ في عينهِ امرأةً, فكان معها سبعةَ أيَّامٍ وسبعَ ليالٍ, ثمَّ كُشِفَ عن الرَّجلِ غِطاؤهُ, فخرج تائبًا, ثمَّ ذكرَ أنَّه بات بين مساكينَ, فتصدَّقَ عليهم برغيفٍ رغيفٍ, فأعطَوهُ رغيفًا, ففقدَهُ صاحبهُ الَّذي كان يُعطاهُ, فلمَّا علِمَ بذلك, أعطاهُ الرَّغيفَ وأصبحَ ميِّتًا, فوُزِنَتِ السَّبعونَ سنةٍ بالسَّبعِ ليالٍ, فرجَحتِ اللَّياليَ, ووُزِنَ الرَّغيفُ بالسَّبعِ اللَّيالِ, فرجحَ الرَّغيفُ .الراوي : أبو بردة بن أبي موسى الأشعري- المحدث : ابن رجب - المصدر : جامع العلوم والحكم- الصفحة أو الرقم: 1/436 - خلاصة حكم المحدث : صح من رواية أبي بردة .
أما السند فقد صح موقوفًا ، وقد جاء نحوه بإسناد صحيح أيضًا عن عبد الله بن مسعود عند ابن أبي شيبة 3/ 111 والبيهقي في شعب الإيمان 3/ 262 ،أما المتن فليس فيه ما يستنكر ويبين هذا سياقة ابن رجب له في معاني الندم والتوبة.
وهو من باب التحديث عن بني إسرائيل خصوصًا أنه من العبرة والعظة وليس فيه إثبات لحكم شرعي ونحوه والله أعلم. هنا بقليل تصرف في ترتيب المعلومة .
وهذا مما يدل على أن العبد قد ينجو بأهون شيء: فالعاقل لا يحتقر شيئًا من عمله ممكن الشيء الذي تفعله عفوًا بدون أن تجمع قلبك وغير ذلك يكون أبرك من كثير من عملك الذي تعتز به.
لأنه
لا يعلم حقيقة أوزان العباد إلا الله -سبحانه وتعالى- قد يعتز الإنسان
بالعمل ثم يفشل ، أنت تعرف مع بعد الشقه، أنت تعرف الطالب في الامتحان
عندما يرسب في مادة ويقول لك أنا أجبت والدكتور ظلمني، وعندما تأتي
لتصحح ورقته أو يرفع قضية ليصحح الورقة يجد أنه أخطأ ظل يدور حول السؤال
وهو لم يجيب على السؤال ، وهو يعتقد في حقيقة نفسه أنه أجاب إجابة قاطعة
يستحق بها الدرجة .
إِذًا لَا تَحْتَقِرْ أَيُّ شَيْءٍ يَقْرَبُكَ مِنَ الْلَّهِ
-عَزَّ وَجَلَّ- تعرفون قصة المرأة البغي التي دخلت الجنة في كلب سقته،
لو قلت لك بميزان الأعمال والنصوص امرأة زنت خمسين مرة وسقت كلاب الأرض
هل
ممكن سقيا كلاب الأرض تكفر زنا خمسمائة مرة؟ أو زنا عشرين سنة، أنت أمام
النصوص لا تعرف تقولها ومع ذلك عندنا النص في الصحيحين دخلت الجنة في كلب
سقته.
"غُفِرَ
لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ، مَرَّتْ بكَلْبٍ علَى رَأْسِ رَكِيٍّ يَلْهَثُ،
قالَ: كَادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فأوْثَقَتْهُ
بخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ له مِنَ المَاءِ، فَغُفِرَ لَهَا بذلكَ."الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 3321 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
والمرأة التي دخلت النار في هرة حبستها، لا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ولا هي أطعمتها.
"عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتْها حتَّى ماتَتْ، فَدَخَلَتْ فيها النَّارَ، لا هي أطْعَمَتْها ولا سَقَتْها، إذْ حَبَسَتْها، ولا هي تَرَكَتْها تَأْكُلُ مِن خَشاشِ الأرْضِ.الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3482 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
إذًا لا تحتقر أي شيء يقربك من الله -عز وجل- فالإنسان ممكن يكون عابدًا أو زاهدًا ويقع، فاحذر. لَا ترتَكنَّ إِلَى عَمَلِكَ وَلَكِنَّ دَائِمًا ترتَكنَّ إِلَىَ فَضْلِ الْلَّهِ أَنْ يَعْصِمكَ:وأن يبلغك ،. فالمرء مع عبادته وزهده قد يبتلى بلاءً لا يخطر له على بال، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
والمرأة التي دخلت النار في هرة حبستها، لا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ولا هي أطعمتها.
"عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتْها حتَّى ماتَتْ، فَدَخَلَتْ فيها النَّارَ، لا هي أطْعَمَتْها ولا سَقَتْها، إذْ حَبَسَتْها، ولا هي تَرَكَتْها تَأْكُلُ مِن خَشاشِ الأرْضِ.الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3482 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
إذًا لا تحتقر أي شيء يقربك من الله -عز وجل- فالإنسان ممكن يكون عابدًا أو زاهدًا ويقع، فاحذر. لَا ترتَكنَّ إِلَى عَمَلِكَ وَلَكِنَّ دَائِمًا ترتَكنَّ إِلَىَ فَضْلِ الْلَّهِ أَنْ يَعْصِمكَ:وأن يبلغك ،. فالمرء مع عبادته وزهده قد يبتلى بلاءً لا يخطر له على بال، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
مداد .
وسائل الثبات على الحق والنجاة من الفتن:
*اعتزال مواطن الفتن:إنَّ مَن خالَط الفِتَنَ لم يسلَمْ دِينُه مِن الإثمِ، وقد مدَح اللهُ سبحانه وتعالى مَن فَرَّ بدِينِه خشيةَ الفِتنةِ عليه، فقال حكايةً عن أصحابِ الكهفِ"وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا" الكهف: 16.
ويدخل اعتزال مواطن الفتن التوغل في الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي خاصة دون قيود وضوابط شرعية ،فالحذر الحذر.
*شكر النعم وعدم التألي على الله:
قال تعالى" وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ" إبراهيم :7.
فلنشكر الله على نعمة الإيمان ، وعدم السخرية والحكم على عباد الله لظاهر أعمالهم ،لكن نحمد الله على المعافاة والدعاء بالثبات على الحق.
قال تعالى"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " الحجرات:11.
"أنَّ رَجُلًا قالَ: واللَّهِ لا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلانٍ، وإنَّ اللَّهَ تَعالَى قالَ: مَن ذا الذي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أنْ لا أغْفِرَ لِفُلانٍ، فإنِّي قدْ غَفَرْتُ لِفُلانٍ، وأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ، أوْ كما قالَ."الراوي : جندب بن عبدالله - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2621 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر.
الشرح:
في هذا الحديثِ يَحكي النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ رَجلًا قال: واللهِ لا يَغفِرُ اللهُ لِفلانٍ؛ قالَه استِكثارًا، أو استِكبارًا لذَنبِه، أو تَعظيمًا لنَفْسِه حينَ جَنى عَليه، فَقال ربُّ العزَّةِ: مَن ذا الَّذي يَتأَلَّى عَليَّ؟! أي: يَتحَكَّمُ عليَّ ويَحلِفُ باسمِي أنَّي لَا أَغفِرُ لفُلانٍ؟! فإِنِّي قدْ غَفرتُ لفُلانٍ؛ وأَحبطتُ عَملَك، أي: أَذهبتُه سُدًى وأَبطلْتُه؛ وذلكَ لأنَّه قالَ ما قالَ إِعجابًا بعَملِه، وإِعجابًا بنَفسِه، واستِكبارًا عَلى عِبادِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
في الحديثِ: النَّهيُ عنِ الكِبْرِ والعُجْبِ.
وفيهِ: النَّهيُ عنِ احتِقارِ أَحدٍ منَ المُسلمينَ.الدرر.
*كثرة ذكر الله تعالى ، منها المحافظة على أذكار الصباح والمساء وكذلك قراءة القرآن وتدبر به فالقرآن من أعظم أسباب الوقاية قال الله تعالى" إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الأنفال:2.
*ملازمة الصحبة الصالحة المعينة على الثبات:
"وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا "28.
اصبرنفسك واحبسها وثبتها مع المؤمنين العُبَّاد المنيبينَ إلى الله ،فإن في صحبتهم من الفوائد، ما لا يُحصى.فالصحبة الصالحة تذَكِّر بالطريق المستقيم وتعين عليه.
" وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ " أي: لا تجاوزهم بصرك، وترفع عنهم نظرك واهتمامك.
وفيه درس عظيم : أن الإنسان بحاجة إلى التذكير وإن كان قويًا فالمصباح مع المصباح أكثر إنارة للطريق والمصباح الواحد قد تضعف إنارته في أي لحظة ولو كان قويًا .والحذر الحذر فقد يغتر الإنسان ويشعر بأنه لا حاجة إلى التذكير أو يغفل عن ذلك فيحتاج إلى التنبيه مهما بلغ .فذلك من الزاد والتزود في السير إلى الله والدار الآخرة .وفيه تربية للنفس على الافتقار والضعف والتواضع .
*الإكثار من العمل الصالح :
إنَّ للعمل الصالِح وكَثرة العِبادة وكثرة ذكر الله عز وجل واستغفارهِ أثرًا عظيمًا في الوقايةِ من الفِتَن والكُروب ، قبل وقوعها والنجاة منها إذا وَقَعتَ ، قال تعالى عَن نَبيّه يونس عليه الصلاة والسلام " فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" ، قال السعدي رحمه الله تعالى أي " في وقته السابق بكثرة عبادته لربه ، وتسبيحه ، وتحميده ، وفي بطن الحوت حيث قال" لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" .
ومِن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم"بادِروا بالأعمالِ فتنًا كقطعِ الليلِ المظلمِ ، يصبحُ الرجلُ مؤمنًا ويمسي كافرًا ، أو يمسي مؤمنًا ويصبحُ كافرًا ، يبيعُ دينَه بعرضٍ من الدنيا " . مسلم 118 ، وفي هذا حَثٌّ على الأعمال الصالِحة قبل تعذّرها والانشغال عنها بما يحدث مِن الفِتَن الشائكة المُتكاثِرة .
*الدعاء ، الدعاء وعدم التألي على الله!
قال تعالى"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " البقرة:186.
فدعاء الله عَزَّ وَجل ، والتضرّع إليه ، والاستعانة به ، والتبرؤ من الحَول والقوّة ، مِن أنجع الوسائل وأنفعها في الوقاية مِن الفتن والنجاة منها ، وفي الِهداية إلى الحق والثَبات عليه ، لا سيما عند التباسهِ بالباطل واختلاف الناس فيه ، وذلكَ لأنَّ مالِكَ القلوب ومُقلّبها هو الله عز وجل ، لا يهدي إلى الحق ، ولا يثبّت العَبد عليه إلا هو : قال الله عز وجل "يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء "إبراهيم:27. ، ومِن أنفع الأدعية في ذلك ما كانَ يدعو به صلى الله عليه وسلم ويحافظ عليه كل ليلة في الاستفتاح به في قيام الليل " اللهمَّ ربَّ جبرائيلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ ، فاطرَ السماواتِ والأرضِ ، عالمَ الغيبِ والشهادةِ ، أنت تحكم بين عبادِك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدِني لما اختُلفَ فيه من الحقِّ بإذنِك إنك تهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مستقيم " مسلم 770 .
ومِن ذلك ما رواه زيد بن ثابت رضي الله عنهُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " تعوَّذوا باللهِ من الفتنِ ، ما ظهرَ منها وما بطنَ " ، قالوا " نعوذُ باللهِ من الفتنِ ، ما ظهرَ منها وما بطنَ " . مسلم 2867 .
يَقولُ التَّابعيُّ شَهْرُ بنُ حَوشَبٍ في هذا الحديثِ:"قُلتُ لأمِّ سلمةَ : يا أمَّ المؤمنينَ ما كانَ أَكْثرُ دعاءِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إذا كانَ عندَكِ ؟ قالَت : كانَ أَكْثرُ دعائِهِ : يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ قالَت : فقُلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ما أكثرُ دعاءكَ يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ ؟ قالَ : يا أمَّ سلمةَ إنَّهُ لَيسَ آدميٌّ إلَّا وقلبُهُ بينَ أصبُعَيْنِ من أصابعِ اللَّهِ ، فمَن شاءَ أقامَ ، ومن شاءَ أزاغَ . فتلا معاذٌ " رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا" الراوي : شهر بن حوشب - المحدث : الألباني- المصدر : صحيح الترمذي- الصفحة أو الرقم: 3522- خلاصة حكم المحدث : صحيح.
فمن نعم الله علينا البصيرة بالحق والثبات عليه .قال تعالى" وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ" إبراهيم :7.
قال شيخ الإسلام "ولا تقَع فتنةٌ إلا مِن تَرك ما أمَر الله،
الاستقامة :1/39.
قال شيخ الإسلام "وكل نعمةٍ منه فضلٌ وكل نِقمةٍ منه عدل"مجموع الفتاوى."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق