عداد الزوار

‏إظهار الرسائل ذات التسميات القسم العام. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات القسم العام. إظهار كافة الرسائل

السبت، 13 يوليو 2024

أخطار تهدد البيوت

 أخطار تهدد البيوت

تحريم الاختلاط : وهو  اجتماع الرجال والنساء في مكان واحد ، وامتزاج بعضهم في بعض، والتبسط في مبادلة الأحاديث دون ضرورة ملحة.

أدلة تحريم الاختلاط:

قزله تعالى " وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ"الأحزاب 53.

  فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ: أي: يكون بينكم وبينهن ستر، يستر عن النظر، لعدم الحاجة إليه.فصار النظر إليهن ممنوعًا بكل حال، وكلامهن فيه التفصيل.

قال تعالى "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ  إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا" الأحزاب : 32.  

 التفسير: يا نساء النبيِّ -محمد- لستنَّ في الفضل والمنزلة كغيركنَّ من النساء، إن عملتن بطاعة الله وابتعدتن عن معاصيه، فلا تتحدثن مع الأجانب بصوت لَيِّن يُطمع الذي في قلبه فجور ومرض في الشهوة الحرام، وهذا أدب واجب على كل امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، وقُلن قولا بعيدًا عن الريبة، لا تنكره الشريعة. 

منع اختلاط الرّجال بالنساء حتى في المساجد:

فقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرّجال بالنساء حتى في أحبّ بقاع الأرض إلى الله وهي المساجد وذلك بفصل صفوف النّساء عن الرّجال ، والمكث بعد السلام حتى ينصرف النساء ، وتخصيص باب خاص في المسجد للنساء . والأدلّة على ذلك ما يلي :

عن أم سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنْ انْصَرَفَ مِنْ الْقَوْمِ" رواه البخاري رقم (793).

 

وعن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم  " خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا " . رواه مسلم رقم 664

وهذا من أعظم الأدلة على منع الشريعة للاختلاط وأنه كلّما كان الرّجل أبعد عن صفوف النساء كان أفضل وكلما كانت المرأة أبعد عن صفوف الرّجال كان أفضل لها .

وإذا كانت هذه الإجراءات قد اتّخذت في المسجد وهو مكان العبادة الطّاهر الذي يكون فيه النّساء والرّجال أبعد ما يكون عن ثوران الشهوات فاتّخاذها في غيره ولا شكّ من باب أولى .

 تحريم مصافحة المرأة الأجنبية:

لا يحل لرجل يؤمن بالله ورسوله أن يضع يده في يد امرأة لا تحل له أو ليست من محارمه ،  ومن فعل ذلك فقد ظلم نفسه .


-
كَانَتِ المُؤْمِنَاتُ إذَا هَاجَرْنَ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُمْتَحَنَّ بقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ"يَا أَيُّهَا النبيُّ إذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ علَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ باللَّهِ شيئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ"الممتحنة: 12. إلى آخِرِ الآيَةِ. قالَتْ عَائِشَةُ: فمَن أَقَرَّ بهذا مِنَ المُؤْمِنَاتِ، فقَدْ أَقَرَّ بالمِحْنَةِ. وَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذَا أَقْرَرْنَ بذلكَ مِن قَوْلِهِنَّ، قالَ لهنَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: انْطَلِقْنَ، فقَدْ بَايَعْتُكُنَّ وَلَا وَاللَّهِ ما مَسَّتْ يَدُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، غيرَ أنَّهُ يُبَايِعُهُنَّ بالكَلَامِ. قالَتْ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ، ما أَخَذَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى النِّسَاءِ قَطُّ إلَّا بما أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَما مَسَّتْ كَفُّ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كَفَّ امْرَأَةٍ قَطُّ، وَكانَ يقولُ لهنَّ إذَا أَخَذَ عليهنَّ: قدْ بَايَعْتُكُنَّ كَلَامًا.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم : 1866 | خلاصة حكم المحدث : صحيح  .

 قال صلى الله عليه وسلم "إني لا أُصافِحُ النِّساءَ"
الراوي : أميمة بنت رقيقة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم : 2513 | خلاصة حكم المحدث : صحيح .

أي: لا أمَسُّ أيديَهنَّ.فهذا المعصوم خير البشرية جمعاء سيد ولد آدم يوم القيامة لا يمس النساء ، هذا مع أن الأصل في البيعة  أن تكون باليد ، فكيف غيره من الرجال ؟ .

 لا تجوز المصافحة ولو بحائل من تحت ثوب وما أشبهه والذي ورد بذلك من الحديث ضعيف.

ركوب المرأة مع سائق بمفردها:

 ذهب كثير من أهل العلم المعاصرين، إلى أن ركوب المرأة وحدها مع السائق الأجنبي، لا يجوز؛ لأنه بمنزلة الخلوة المحرمة. وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة، إلا مع ذي محرم.

وحتى يرتفع الحرج ينبغي أن تركب امرأتان معا مع السائق . 

قال صلى الله عليه وسلم " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " – رواه الترمذي ( 2165 ) وصححه الألباني . 1758  ، وركوبها معه في السيارة أبلغ من الخلوة بها في بيت ونحوه ؛ لأنه يتمكن من الذهاب بها حيث شاء من البلد أو خارج البلد ، طوعًا أو كرهًا ، ويترتب على ذلك من المفاسد أعظم مما يترتب على الخلوة المجردة .

ولا يخفى آثار فتنة النساء والمفاسد المترتبة عليها ؛ ففي الحديث " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " رواه البخاري ( 5096 ) ومسلم ( 2740 ) ، وفي الحديث الآخر " اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " رواه مسلم ( 2742 ) .الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :

تحريم التبرج:

أولًا: الأدلة من كتاب الله تعالى:

1- قَوْلُ الله تعالى" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا "الأحزاب: 59.


وتفسيره: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُرخين على رؤوسهن ووجوههن من أرديتهن وملاحفهن؛ لستر وجوههن وصدورهن ورؤوسهن؛ ذلك أقرب أن يميَّزن بالستر والصيانة، فلا يُتعَرَّض لهن بمكروه أو أذى" 


3- قال الله تعالى" وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "النور: 31.

 

ثانيًا: الأدلة من السُّنة:

عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا -وذكر منهما- وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ، مَائِلَاتٌ رُؤوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا "صحيح مسلم.

 

قال ابن عبدالبر "أَمَّا مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ فَإِنَّهُ أَرَادَ اللَّوَاتِي يَلْبَسْنَ مِنَ الثِّيَابِ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ الَّذِي يَصِفُ وَلَا يَسْتُرُ فَهُنَّ كَاسِيَاتٌ بِالِاسْمِ عَارِيَاتٌ فِي الْحَقِيقَةِ "

"مَائِلَاتٌ" أَي: زائغات عَن الطَّاعَة، "مُمِيلَاتٌ "يُعَلِّمن غَيْرهنَّ الدُّخُول فِي مثل فِعْلِهنّ، أَو مَائِلَاتٌ متبخترات فِي مشيتهنّ، مُمِيلَاتٌ للقلوب بغنجهن.

" رُؤُسِهِنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ"أَي: يُعظِّمن رؤوسهنَّ بالخرق حَتَّى تُشْبه أسنمة الْإِبِل

و" الْبُخْت" نوع من الإبل لها سنامان، بينهما شيء من الانخفاض والميلان، هذا مائل إلى جهة وهذا مائل إلى جهة، فهؤلاء النِّسْوة لما عظَّمن وكبَّرْن رؤوسهنَّ بما جَعَلْنَ عليها، أشْبَهْنَ هذه الأسنمة


وقال الذهبي: "وَمن الْأَفْعَال الَّتِي تُلعن عَلَيْهَا الْمَرْأَة إِظْهَار الزِّينَة وَالذَّهَب واللؤلؤ من تَحت النقاب، وتطيبها بالمسك والعنبر وَالطّيب إِذا خرجت، ولبسها الصباغات والأزر وَالْحَرِير والأقبية الْقصار مَعَ تَطْوِيل الثَّوْب وتوسعة الأكمام وتطويلها إِلَى غير ذَلِك إِذا خرجت، وكل ذَلِك من التبرج الَّذِي يمقت الله عَلَيْهِ، ويمقت فَاعله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة".



6- ما جاء في الصحيحين، عن عبدالله بن مسعود أنه قال: "لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ" قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ وَكَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَأَتَتْهُ فَقَالَتْ: مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ، لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: "وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ؟" فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ لَوْحَيِ الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُهُ فَقَالَ: "لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، قَالَ اللهُ تعالى" وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " الحشر: 7 "، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: فَإِنِّي أَرَى شَيْئًا مِنْ هَذَا عَلَى امْرَأَتِكَ الْآنَ، قَالَ "اذْهَبِي فَانْظُرِي"، قَالَ: فَدَخَلَتْ عَلَى امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا، فَجَاءَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا، فَقَالَ "أَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ نُجَامِعْهَا ".


"اللَّعْن" هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى، قال المباركفوري"اللَّعْنَةُ هِيَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ، وَلَعْنُ الْكَافِرِ؛ إِبْعَادُهُ عَنِ الرَّحْمَةِ كُلَّ الْإِبْعَادِ, وَلَعْنُ الْفَاسِقِ؛ إِبْعَادُهُ عَنْ رَحْمَةٍ تَخُصُّ الْمُطِيعِينَ"

"الْوَاشِمَةُ" فَاعِلَةُ الْوَشْمِ وَهِيَ أَنْ تَغْرِزَ إِبْرَةً أَوْ مِسَلَّةً أَوْ نَحْوَهُمَا فِي ظَهْرِ الْكَفِّ أَوِ الْمِعْصَمِ أَوِ الشَّفَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ بَدَنِ الْمَرْأَةِ حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ ثُمَّ تَحْشُو ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِالْكُحْلِ أَوِ غيره فَيَخْضَرُّ، وَقَدْ يُفْعَلُ ذَلِكَ بِدَارَاتٍ وَنُقُوشٍ، وَقَدْ تُكَثِّرُهُ وَقَدْ تُقَلِّلُهُ، وَفَاعِلَةُ هَذَا وَاشِمَةٌ، فَإِنْ طَلَبَتْ فِعْلَ ذَلِكَ بِهَا فَهِيَ"مُسْتَوْشِمَةٌ"، وَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الْفَاعِلَةِ وَالْمَفْعُولِ بِهَا بِاخْتِيَارِهَا وَالطَّالِبَةِ لَهُ، وَقَدْ يُفْعَلُ بِالْبِنْتِ وَهِيَ طِفْلَةٌ فَتَأْثَمُ الفاعلة ولاتأثم الْبِنْتُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهَا حِينَئِذٍ.

"النَّامِصَةُ" هِيَ الَّتِي تُزِيلُ الشَّعْرَ مِنَ الْحَواجِبِ، وَ"الْمُتَنَمِّصَةُ" الَّتِي تَطْلُبُ فِعْلَ ذلك بها وهذا الفعل حرام.

"الْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ" الْمُرَادُ مُفَلِّجَاتُ الْأَسْنَانِ بِأَنْ تَبْرُدَ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهَا الثَّنَايَا وَالرُّبَاعِيَّاتِ وَهُوَ مِنَ الْفَلَجِ، وَهِيَ فُرْجَةٌ بَيْنَ الثَّنَايَا وَالرُّبَاعِيَّاتِ، وَتَفْعَلُ ذَلِكَ الْعَجُوزُ وَمَنْ قَارَبَتْهَا فِي السِّنِّ إِظْهَارًا لِلصِّغَرِ وَحُسْنِ الْأَسْنَانِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْفُرْجَةَ اللَّطِيفَةَ بَيْنَ الْأَسْنَانِ تَكُونُ لِلْبَنَاتِ الصِّغَارِ، فَإِذَا عَجَزَتِ الْمَرْأَةُ كَبُرَتْ سِنُّهَا وَتَوَحَّشَتْ فَتَبْرُدُهَا بِالْمِبْرَدِل لِتَصِيرَ لَطِيفَةً حَسَنَةَ الْمَنْظَرِ وَتُوهِمَ كَوْنَهَا صَغِيرَةً، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا الْوَشْرُ، وَمِنْهُ لَعْنُ الْوَاشِرَةِ وَالْمُسْتَوْشِرَةِ، وَهَذَا الْفِعْلُ حَرَامٌ عَلَى الْفَاعِلَةِ وَالْمَفْعُولِ بِهَا لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَلِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّهُ تَزْوِيرٌ وَلِأَنَّهُ تَدْلِيسٌ.

" لَمْ نُجَامِعْهَا " قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ لَمْ نُصَاحِبْهَا وَلَمْ نَجْتَمِعْ نَحْنُ وَهِيَ بَلْ كُنَّا نُطَلِّقُهَا وَنُفَارِقُهَا. اهـ


ثالثًا: الإجماع:

وقد أجمع المسلمون على تحريم التبرج، كما حكاه العلامة الصنعاني في حاشيته، وبالإجماع العملي على عدم تبرج نساء المؤمنين في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى ستر أبدانهن وزينتهن، حتى انحلال الدولة العثمانية في عام 1342هـ وتوزيع العالم الإسلامي وحلول الاستعمار فيه ا.هـ


أختي المسلمة، احذري التبرج وإظهار الزينة لغير المحارم، واحذري كثرة الخروج من البيت دون عذر شرعي، طاعةً لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وصيانة لنفسك ودينك وعرضك عن الابتذال والامتهان.

 

 

 

الجمعة، 12 فبراير 2021

معنى الصلاة والسلام على النبيّ صلى الله عليه وسلم

 

معنى الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم

قالَ الحافظُ ابنُ حجرٍ العسقلانيّ في: فتح الباري بشرحِ صحيح البخاري
" و َأوْلى الأقوالِ أنّ معنى صلاةِ الله على نبيّهِصلى الله عليه وسلم هو ثناؤهُ عليه وَ تعظيمه، فمعنى قولنا ' اللهمّ صلِّ على محمد ' هو ' اللهمّ عظِّم محمدًا '
و المُرادُ :
تعظيمه في الدنيا: بإعلاءِ ذكره وإظهار دينه وإبقاءِشريعته..
و تعظيمه في الآخرة: بإجزال مثوبتهِ وتشفيعهِ في أمّتِه
وإبداء فضيلتهِ بالمقام المحمود ".
فالمُرادُ بقولِهِ ـ سبحانه ـ" صَلُّوُا عليه " أي: ادْعُوا ربّكم بالصلاةِ عليه .
و المُرادُ:
طلبُ الزيادة من اللهِ بالصلاةِ عليه وليس طلبُ أصلِ الصلاة، فإنّ الله قد عظّمه وأعلى ذكره "

*معنى السّلامِ على النبيّ صلى الله عليه وسلم
قالَ الفيْروز آبادي في كتابه :الصِلات والبُشَر في الصلاةِ على خير البشَر:
" ومعنى ' السلامُ عليك أيُّها النبيّ ' أيْ: لا خَلَوتَ مِنَ الخيراتِ وَ البركات، وَ سَلِمْتَ مِن المكارِهِ والآفات؛
إذْ كانَ اسمُ اللهِ ـ تعالى ـ إنّما يُذكرُ على الأمورِ توقّعًا لاجتماعِ معاني الخير والبركة فيهاوانتفاءِ عوارضِ الخللِ والفسادِ عنها ".
فإذا قُلتَ ' اللهمّ سلِّم على محمد ' فإنّما تُريدُ منه:
' اللهمّ اكُتبْ لِمُحمدٍ في دعوتِهِ وَ أُمّتِهِ وَ ذِكرهِ السلامةَ مِنْ كُلّ نقص، فتزدادُ دعوته على مَمَرِّ الأيامِ عُلوًا وأُمّتُهُ تكاثُرًا و ذِكرهُ ارتفاعًا '.
كتاب: فضْلُ الصلاةِ على النّبيّ صلى الله عليه وسلم. للشيخ عبدالمُحسِن العبّاد.

*كَرَامَاتُ الصَلاَةُ علَى النبي صلى الله عليه وسلم
قالَ ابنُ الجَوَزِيّ رَحِمَهُ اللّهُ وغَفَرَ لَه:
وَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللّه أُنّ في الصَّلاةِ علَى نبينا مُحَمّدٍ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ كَرَامَات:
1- صَلاَةُ المَلِكِ الجَبّار.
2- شَفَاعِةِ النَّبِيّ المُخْتَارصلى الله عليه وسلم
3- الاِقْتِدَاءُ بالمَلاَئِكةِ الأَبْرَار.
4- مُخَالَفةُ المُنَافِقينِ والكُفّار.
5- مَحْوُ الخَطَايَا والأَوْزَار.
6- قَضَاءُ الحَوَائِجِ والأَوْطَار.
7- تَنْوِيرُ الظَوَاهِر والأَسْرَار.
8- النَّجَاةُ من عَذابِ دَارِالنيران والبَوَارِ.
9- دُخُولِ دَارِ الرَّاحَةِ والقَرَار.
10- سَلاَمُ المَلِكِ الغَفًّار.
منقول.

الأربعاء، 30 ديسمبر 2020

علاج المرضى والصدقة الجارية

علاج المرضى والصدقة الجارية
السؤال: هل يمكن أن تدخل الصدقات في معالجة المرضى أو إجراء جراحات للمرضى من باب الصدقة الجارية؟ هذا السؤال من أخوات كثرت معهم الصدقات الجارية بينما حالات المعالجات والجراحات لا تجد ما يوفيها ألبتة؟ الجواب:
بسم الله. الصدقة الجارية يُقصدُ بها ما يجري نفعها ويدوم ولا ينقطع زمنًا طويلًا، وبالتالي يجري أجرُها كذلك كثيرًا طويلا، ما بقي الشيء المُتصَدَّق به صالحًا نافعًا للناس. وفي الحديث"إذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثِ أَشْيَاءَ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ" صحيح مسلم، رقم:1631.
ويكون في حياة المرء وبعد مماته بوصيته أو مِن آخرَ يوقفها له، وأفضله ما كان في حياته مِن كسبه وبقي بعد مماته، كمن بَنَى مسجدًا أو شارك في بنائه لقول صلى الله عليه وسلم
"من حفر ماءً لم يشرَبْ منه كَبِدٌ حَرَّى من جِنٍّ ، و لا إنسٍ ولا طائرٍ ، إلا آجَره اللهُ يومَ القيامةِ ، ومن بنى مسجدًا كمِفْحَصِ قَطَاةٍ أو أصغرَ بنى اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ"
الراوي : جابر بن عبدالله - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترغيب
صححه الألباني،صحيح الترغيب، رقم:267.

والقَطاةُ هو نَوعٌ من الحَمَامِ، يَعيشُ في الصَّحْراءِ، ويَقطَعُ مَسافاتٍ شاسِعَةً، ويطيرُ جماعاتٍ، والمقصودُ بِمِفحَصِ القَطاةِ: المَوضِعُ التي تَبيضُ فيه؛ لأنَّها تَفحَصُ عنه التُّرابَ، -لا تبيض في شجر ولا على رأس جبل ، إنما تجعل بيتها على بسيط الأرض دون سائر الطيور، فلذلك شبه به المسجد -وهذا مَحْمولٌ على المُبالَغَةِ في حَجْمِ المسجِدِ، ولو كان صغيرًا، ومَن كان هذا فِعلَه، كان جَزاؤُه أنْ يَبْنيَ اللهُ سُبْحانَه وتَعالى له بيتًا في الجَنَّةِ.
فدَلَّ الحديثُ على سَعَةِ فَضْلِ اللهِ وكَرَمِه على عِبادِه، وأنَّه يَأجُرُهم على فِعلٍ صَغيرٍ جَزاءً عظيمًا، ودَلَّ أيضًا على أنَّ الإنسانَ لا يَنبَغي عليه أنْ يَدَّخِرَ الوُسْعَ في فِعلِ الخَيرِ، ولو كان قليلًا، فهو عِندَ اللهِ عَظيمٌ.الدرر السنية.

أمَّا معالجة المرضى كالعمليات الجراحية أو شراء دواء لهم، فالأصل أنها ليست من الصدقات الجارية، لأنها ليست مستمرة ولا دائمة، إلا إذا كان نفع ذلك الشخص جاريًا، كأن يكون عالمًا، وعلاجه يكون سببًا في كونه يستطيع أن ينشر العلم ويزكي الأمة مثلا، فهذا أجر الصدقة يجري ما جرى أثرها، لكن لا تُسمَّى جارية. ولكن هاهنا أمرٌ ينبغي أن يُتَفَطَّن له، ألا وهو قيمة وعِظَم المصلحة المجلوبة بهذه الصدقة، وعِظم المفسدة المدفوعة بها، فقد تكون صدقةٌ غيرٌ جاريةٍ وتكون أكثرَ أجرًا من صدقة جارية.. ألا ترى إن كانت صدقتُك سببًا في إنقاذ حياة نفس مسلمة، فضع معها قول الله تعالى" مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"النساء:32. فما هي الصدقة الجارية التي يعدل أجرُها ثوابَ إحياء الناس جميعًا؟ وقد تكون صدقة لتجهيز غازٍ في سبيل الله لدفع صائل؛ ليست جارية، ولكنها أولى من عمارة مسجد، كما قال تعالى"أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ"التوبة:19- 20. أضِف إلى ذلك أن من المعاملات بين المسلمين ما يجري مجرى الحقوق والواجبات، وربما يصل إلى فروض الكفايات، فوضع الصدقة في حق أو واجب أو فرض كفاية أولى وآجَرُ من وضعها فيما هو دون ذلك حاجة وضرورة.
المقصود:أن الإنسان ينظر للأكثر نفعًا وأثرًا ولو لم يكن جاريًا، كما ذكرنا في التمثيل، وعلى المسلم أن يعرف أيها أنفع وأكثر أثرًا. والله أعلم-هنا -هنا -

الأربعاء، 8 أبريل 2020

أنواع البدع

أنواع البدع

الأصل في العبادات التوقف على الدليل الصحيح ثبوتًا واستدلالا.
قسم الشاطبي البدعة إلى قسمين: حقيقية, وإضافية.
وعرف الحقيقية بأنها ما لم يدل عليها دليل شرعي لا من كتاب, ولا من سنة, ولا من إجماع, ولا استدلال معتبر عند أهل العلم لا في الجملة ولا في التفصيل. وإن ادعى مبتدعها ومن تابعه أنها داخلة فيما استنبط من الأدلة، لأن ما استند إليه شبه واهية لا قيمة لها. فكأنها هي البدعة حقيقة وما عداها على المجاز.
وأما البدعة الإضافية ؛ فهي التي لها شائبتان :
إحداهما : لها من الأدلة متعلق ، فلا تكون من تلك الجهة بدعة .
والأخرى : ليس لها متعلق إلا مثل ما للبدعة الحقيقية .

أي أنها بالنسبة إلى إحدى الجهتين سنة ؛ لأنها مستندة إلى دليل ، وبالنسبة إلى الجهة الأخرى بدعة ؛ لأنها مستندة إلى شبهة لا إلى دليل ، أو غير مستندة إلى شيء .
والفرق بينهما من جهة المعنى : أن الدليل عليها من جهة الأصل قائم ، ومن جهة الكيفيات أو الأحوال أو التفاصيل لم يقم عليها ، مع أنها محتاجة إليه ؛ لأن الغالب وقوعها في التعبديات لا في العاديات المحضة .

الاعتصام للإمام الشاطبي »
الباب الخامس في أحكام البدع الحقيقية والإضافية والفرق بينهما » هنا-
*أمثلة على البدعة الإضافية:


ـ تخصيص نصف شعبان بصيام وقيام :
فأصل الصيام مشروع وأصل القيام مشروع ولكن تخصيص هذا اليوم وليلته بعبادات معينة فهذا مما لا دليل عليه .

ـ عن سعيد بن المسيب : أنه رأى رجلًا يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين يكثرُ فيهما الركوع والسجود فنهاه .
فقال : يا أبا محمد ! يعذبني الله على الصلاة ؟ !
قال " لا ، ولكن يعذبُك على خلاف السنة " .
رواه البيهقي وغيره بسند حسن .

قال شيخنا العلامة محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ في إرواء الغليل : 2 / 236 ، بعد إيراده هذا الأثر :
وهذا من بدائع أجوبة سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى ، وهو سلاحٌ قويٌّ على المبتدعة الذين يستحسنون كثيرًا من البدع باسم أنها ذِكرٌ وصلاةٌ ! ! ثم ينكرون على أهل السنة إنكار ذلك عليهم ، ويتهمونهم بأنهم ينكرون الذكر والصلاة ! !وهم في الحقيقة إنما ينكرون خلافهم للسنة في الذكر والصلاة ونحو ذلك " . ا . هـ .
علم أصول البدع / للشيخ : علي حسن عبد الحميد / ص : 72 .
ـ عن عُمَر بن سلمة الهَمْدَاني ـ رحمه الله ـ قال " كنا نجلس على باب " عبد الله بن مسعود " قبل صلاة الغداةِ ، فإذا خرج مَشَيْنا معه إلى المسجد . فجاءنا " أبو موسى الأشعري " ، فقال : أَخَرَجَ إليكم " أبو عبد الرحمن " بعد ؟ قلنا : لا .فجلس معنا حتى خرج ، فلما خرج قمنا إليه جميعًا . فقال له " أبو موسى " يا " أبا عبد الرحمن "
إني رأيتُ في المسجد آنفًا أمْرًا أنكرتُهُ ! ولم أرَ والحمد لله إلا خيرًا
.
قال : فما هو ؟
فقال - أي أبي موسى - : إنْ عشتَ فستراه .
قال أبو موسى : رأيتُ في المسجد قوْمًا حِلَقًا ،جلوسًا ، ينتظرون الصلاة ، في كل حلْقة رجل ،وفي أيديهم حصى فيقول : سبَّحوا مائة ،فيسبحون مائةً .
قال ـ أي : عبد الله بن مسعود - أبو عبد الرحمن ـ :
فماذا قلتَ لهم ؟

قال - أي : أبي موسى الأشعري : ما قلتُ لهم شيئًا
انتظارَ رأيك .

قال - ابن مسعود : أفلا أمرتَهم أن يَعُدُّوا سيئاتهم وضَمِنتَ لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء ؟ !
ثم مضى ومضينا معه ، حتى أتى حَلْقةً من تلك الحِلَق ، فوقف عليهم فقال : ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟

قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، حصى نَعُدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح .
قال : فَعُدُّوا سيئاتكم ، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء ، ويْحَكُم يا أمة محمد ! ما أَسْرعَ هلكتكم ! هؤلاء صحابة نبيكم ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ متوافرون وهذه ثيابه لم تَبْل ،وآنيته لم تُكْسَرْ ، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أو مفتتحوا باب ضلالة ؟ ! ! !
قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ، ما أردنا إلا الخير .
قال : وكم من مريد للخير لن يصيبه ، إن رسول الله
ـ
صلى الله عليه وسلم ـ حدثنا " إن قومًا يقرءون القرآن ، لا يجاوز تراقيهم ،يمرقون من الإسلام كما يمرقُ السهم من الرَّمِيَّة " .

" وايم الله " ما أدري لعلَّ أكثرهم منكم! ثم تولى عنهم .
.فقال عمرو بن سلمة : فرأينا عامة أولئك الحِلَق يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج .
أخرجه الدارمي . وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة / مجلد رقم :5/حديث رقم : 5002 .
" وايم الله " : كلمة قسم . همزتها همزة وصل . المعجم الوجيز / ص :31 .

* ومن الفوائد التي تؤخذ من الحديث ، أن العبرة ليست بكثرة العبادة ، وإنما بكونها على السنة ، بعيدة عن البدعة. وقد أشار إلى هذا ابن مسعود بقوله :
" اقتصاد في سنة ، خيرٌ من اجتهادٍ في بدعة " .
* ومن الفوائد أن البدعة الصغيرة بريدٌ إلى البدعة الكبيرة ، ألا ترى أن أصحاب الحلقات صاروا بعدُ مِنَ الخوارج الذين قتلهم الخليفة الراشد " علي بن أبى طالب " ؟
فهل من مُعْتَبِر ؟ نظم الفرائد : ج : 1 / ص : 211 .

شبهة والرد عليها
قد يقول قائل : تخصيص شهر رجب بصيام من باب " السنة الحسنة" لقول الرسول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده ..... " . ـ الحديث ـ .
ولرد هذه الشبهة نورد الحديث مع توضيح مراد الشارع منه :

ـ عن المُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ أَبِيه ؛ قال : كُنَّا عِنْدَ رسولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ في صَدْرِ النَّهَارِ .

قال : فجاءهُ قومٌ حفاةٌ عراةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ "1"أوِ الْعَبَاءِ ،مُتَقَلِّدِي السُّيُوف . عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ "2" وَجْهُ رَسُولِاللهِ ـ صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم ـ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الفَاقَةِ . فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ . فَأَمَرَ
بِلالاً
فَأَذَّنَ وَأَقَامَ . فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَال :


" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ." .إلى آخر الآية . " إنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ".سورة النساء / آية : 1.
والآيَةَ التي في الحَشْرِ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوااتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ
وَاتَّقُوا اللهَ ..." . سورة الحشر / آية : 18 .

تَصَدَّق "3" رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ ، مِنْ دِرْهَمِهِ ، مِنْ ثَوْبِهِ ،مِنْ صَاعِ بُرِّهِ ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ - حتى قَالَ - ولَوْ بِشَقِّ تَمْرَةٍ .

قَالَ : فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا . بَلْ قَدْ عَجَزَتْ .
قالَ : ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَينِ مِنْ طَعَامٍ وثِيَابٍ . حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسْولِ اللهِ– صلى الله عليه
وسلم – يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ "4" .
فقالَ رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" مَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً ، فَلَهُ أَجْرُهَا ،وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ . مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ " .
ومَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنةً سَيئةً ، كانَ عليهِ وِزْرُهَا ووِزْرُ مَنْ عَمِلَ بها مِنْ بَعْدِهِ . مِنْ غَيْرِ
أنْ يَنْقُصَ مِنْ أوْزَارِهِمْ شَيْءٌ " .صحيح مسلم / ( 12 ) ـ كتاب : الزكاة / ( 20 ) ـ باب : الحث علىالصدقة ولو بشق تمرة ... / حديث رقم : 69 ـ ( 1017 ) / ص : 241 .
" 1 " الجَوْب : القَطْعُ . النمار : جمع نَميرة وهي كساء من صوفٍ مخطط .
مجتابيها : أي لابسيها قد خرقوها في رؤوسِهم - أي خرقوها وقوروا وسطها- .
"2 " تمعر : تغير .
"3 " تصدق : أي ليتصدق فهو خبر بمعنى الأمر .

" 4"مُذْهَبة : الصفاء والاستنارة .
* من شرح الحديث بصحيح مسـلم :
من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها ..... .
فيه الحث على الابتداء بالخيرات ، وسن السنن الحسنات ،
والتحذير من اختراع الأباطيل والمستقبحات .
وسبب هذا الكلام في هذا الحديث أنه قال في أوله :
"فجاء رجل بصرة كادت كفه تعجز عنها ، فتتابع الناس "
وكان الفضل العظيم للبادي بهذا الخير ، والفاتح لباب هذا الإحسان .
وفي هذا الحديث تخصيص قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة " ،
وأن المراد به المحدثات الباطلة ، والبدع المذمومة .
ا . هـ. من سن سنة حسنة :
نجد أن السُّنَّة الحسنة في هذا الحديث هي الصدقة وهي لها أصل في الدين ولكن الحث عليها بالعمل - القدوة-..... فيقتدي به الناس ، يعتبر سنة حسنة .
وليس إذًا معنى السنة الحسنة أن نبتدع في دين الله أي عبادات ونقول من سن في الإسلام سنة حسنة .
فلا يخصص شهر رجب بصيام ونقول من سن في الإسلام سنة حسنة ..... .
ولا نحتفل بليلة النصف من شعبان ونحييها ونخصها بعبادات معينة تحت ستار من سن في الإسلام سنة حسنة .
فلا عبادة إلا بنص صحيح
بفهم السلف الصالح .
- هنا -

الجمعة، 24 يناير 2020

أنواع الجهاد في سبيل الله

حكم الجهاد وأنواعه
الحمد لله الجهاد مراتب ، منها ما هو واجب على كل مكلف ، ومنها ما هو واجب على الكفاية ، إذا قام به بعض المكلفين سقط التكليف عن الباقين ، ومنها ما هو مستحب . فجهاد النفس وجهاد الشيطان، واجبان على كلِّ مكلف ، وجهاد المنافقين والكفار وأرباب الظلم والبدع والمنكرات، واجب على الكفاية ، وقد يتعين جهاد الكفار باليد على كل قادر في حالات معينة يأتي ذكرها . قال ابن القيم رحمه الله : "إذا عرف هذا فالجهاد أربع مراتب : جهاد النفس ، وجهاد الشيطان ، وجهاد الكفار ، وجهاد المنافقين . فجهاد النفس أربع مراتب أيضًا : إحداها : أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به ومتى فاتها عمله شقيت في الدارين . الثانية : أن يجاهدها على العمل به بعد علمه ، وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم يضرها لم ينفعها . الثالثة : أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات ولا ينفعه علمه ولا ينجيه من عذاب الله . الرابعة : أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق ويتحمل ذلك كله لله . فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين ، فإن السلف مجمعون على أن العالم لا يستحق أن يسمى ربانيا حتى يعرف الحق ويعمل به ويعلّمه فمن علِم وعمل وعلّم فذاك يدعى عظيما في ملكوت السماوات . وأما جهاد الشيطان فمرتبتان : إحداهما : جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان . الثانية : جهاده على دفع ما يلقي إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات . فالجهاد الأول يكون بعده اليقين ، والثاني يكون بعده الصبر ، قال تعالى "وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ " السجدة/24 ، فأخبر أن إمامة الدين إنما تنال بالصبر واليقين ، فالصبر يدفع الشهوات ، والإرادات الفاسدة ، واليقين يدفع الشكوك والشبهات . وأما جهاد الكفار والمنافقين فأربع مراتب : بالقلب واللسان والمال والنفس .......

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : "الجهاد أقسام : بالنفس ، والمال ، والدعاء ، والتوجيه والإرشاد ، والإعانة على الخير من أي طريق ، وأعظم الجهاد : الجهاد بالنفس ، ثم الجهاد بالمال والجهاد بالرأي والتوجيه ، والدعوة كذلك من الجهاد ، فالجهاد بالنفس أعلاها ". " فتاوى الشيخ ابن باز " 7 / 334 ، 335 .
.....


والله أعلم .
المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد

الأحد، 12 يناير 2020

يَا بَنِيَّ اذْكُرُوا صَاحِبَ الرَّغِيفِ


يَا بَنِيَّ اذْكُرُوا صَاحِبَ الرَّغِيفِ

ورد في : مصنف أبي بكر بن أبي شيبة: 7/ 61:

أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان ،قال أخبرنا أبو الفضل أحمد بن أحمد ،قال حدثنا أبو نعيم الحافظ ، قال حدثنا عبد الله بن محمد بن شبل،قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه،قال حدثنا أبو عثمان ،عَنْ أِبِي بُرْدَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ أَبَا مُوسَى الوَفَاةَ قَالَ: يَا بَنِيَّ اذْكُرُوا صَاحِبَ الرَّغِيفِ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَةٍ - أَرَاهُ قَالَ- : سَبْعِينَ سَنَة، لَا يَنْزِلُ إِلَّا فِي يَوْمِ أَحَد، قَالَ: فَنَزَلَ فِي يَوْمِ أَحَد، قَالَ: فَشَبَّهَ أَوْ شَبَّ الشَّيْطَانُ فِي عَيْنِهِ امْرَأَة ، فَكَانَ مَعَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَ لَيَالٍ، قَالَ: ثُمَّ كُشِفَ عَنِ الرَّجُلِ غِطَاؤُهُ فَخَرَجَ تَائِبًا،فَكَانَ كُلَّمَا خَطَا خُطْوَةً صَلَّى وَسَجَدَ، قَالَ: فَآوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى مَكَانٍ عَلَيْهِ اثْنَا عَشَرَ مِسْكِينًا، فَأَدْرَكَ الإعْيَاءَ فَرَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْهُمْ، وَكَانَ ثَمَّ رَاهِبٌ يَبْعَثُ إِلَيْهِمْ كُلَّ لَيْلَةٍ بِأَرْغِفَةٍ، فَيُعْطِي كُلَّ إِنْسَانٍ رَغِيفًا، فَجَاءَ صَاحِبُ الرَّغِيفِ فَأَعْطَى كُلَّ إِنْسَانٍ رَغِيفًا، وَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ الذِي خَرَجَ تَائِبًا، فَظَنَّ أَنَّهُ مِسْكِينٌ فَأَعْطَاهُ رَغِيفًا، فَقَالَ المَتْرُوكُ لِصَاحِبِ الرَّغِيفِ: مَالَكَ، لَمْ تُعْطِنِي رَغِيفِي، مَا كَان لَكَ عَنْهُ غِنَى، قَالَ: تَرَانِي أُمْسِكُهُ عَنْكَ، سَلْ هَلْ أَعْطَيْتُ أَحَدًا مِنْكُمْ رَغِيفَيْنِ، قَالُوا: لَا، قَالَ: إِنِّي أُمْسِكُ عَنْكَ وَاللهِ لَا أُعْطِيكَ شَيْئًا اللَيْلَةَ، قَالَ: فَعَمَدَ التَّائِبُ إِلَى الرَّغِيفِ الذِي دَفَعَهُ إِلَيْهِ، فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلِ الذِي تَرَكَ فَأَصْبَحَ التَّائِبُ مَيْتًا، قَالَ: فَوُزِنَتِ السَّبْعُونَ سَنَةٍ بِالسَّبْعِ اللَيَالِي فَلَمْ تَزَلْ، قَالَ: فَوْزِنَ الرَّغِيفُ بِالسَّبْعِ اللَيَالِي، قَالَ: فَرَجَعَ الرَّغِيفُ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَا بَنِيَّ اذْكُرُوا صَاحِبَ الرَّغِيفِ".

قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم 1/ 173" ... وقد صح من رواية أبي بردة
"أنَّ أبا موسَى لما حضَرتهُ الوفاةُ قال : يا بَنِيَّ, اذكروا صاحبَ الرَّغيفِ : كان رجلٌ يتعبَّدُ في صَومعةٍ أُراهُ سبعينَ سنةً, فشبَّهَ الشَّيطانُ في عينهِ امرأةً, فكان معها سبعةَ أيَّامٍ وسبعَ ليالٍ, ثمَّ كُشِفَ عن الرَّجلِ غِطاؤهُ, فخرج تائبًا, ثمَّ ذكرَ أنَّه بات بين مساكينَ, فتصدَّقَ عليهم برغيفٍ رغيفٍ, فأعطَوهُ رغيفًا, ففقدَهُ صاحبهُ الَّذي كان يُعطاهُ, فلمَّا علِمَ بذلك, أعطاهُ الرَّغيفَ وأصبحَ ميِّتًا, فوُزِنَتِ السَّبعونَ سنةٍ بالسَّبعِ ليالٍ, فرجَحتِ اللَّياليَ, ووُزِنَ الرَّغيفُ بالسَّبعِ اللَّيالِ, فرجحَ الرَّغيفُ .الراوي : أبو بردة بن أبي موسى الأشعري- المحدث : ابن رجب - المصدر : جامع العلوم والحكم- الصفحة أو الرقم: 1/436 - خلاصة حكم المحدث : صح من رواية أبي بردة .
أما السند فقد صح موقوفًا ، وقد جاء نحوه بإسناد صحيح أيضًا عن عبد الله بن مسعود عند ابن أبي شيبة 3/ 111 والبيهقي في شعب الإيمان 3/ 262 ،أما المتن فليس فيه ما يستنكر ويبين هذا سياقة ابن رجب له في معاني الندم والتوبة.
وهو من باب التحديث عن بني إسرائيل خصوصًا أنه من العبرة والعظة وليس فيه إثبات لحكم شرعي ونحوه والله أعلم. هنا بقليل تصرف في ترتيب المعلومة .
وهذا مما يدل على أن العبد قد ينجو بأهون شيء: فالعاقل لا يحتقر شيئًا من عمله ممكن الشيء الذي تفعله عفوًا بدون أن تجمع قلبك وغير ذلك يكون أبرك من كثير من عملك الذي تعتز به.
لأنه لا يعلم حقيقة أوزان العباد إلا الله -سبحانه وتعالى- قد يعتز الإنسان بالعمل ثم يفشل ، أنت تعرف مع بعد الشقه، أنت تعرف الطالب في الامتحان عندما يرسب في مادة ويقول لك أنا أجبت والدكتور ظلمني، وعندما تأتي لتصحح ورقته أو يرفع قضية ليصحح الورقة يجد أنه أخطأ ظل يدور حول السؤال وهو لم يجيب على السؤال ، وهو يعتقد في حقيقة نفسه أنه أجاب إجابة قاطعة يستحق بها الدرجة . إِذًا لَا تَحْتَقِرْ أَيُّ شَيْءٍ يَقْرَبُكَ مِنَ الْلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- تعرفون قصة المرأة البغي التي دخلت الجنة في كلب سقته، لو قلت لك بميزان الأعمال والنصوص امرأة زنت خمسين مرة وسقت كلاب الأرض هل ممكن سقيا كلاب الأرض تكفر زنا خمسمائة مرة؟ أو زنا عشرين سنة، أنت أمام النصوص لا تعرف تقولها ومع ذلك عندنا النص في الصحيحين دخلت الجنة في كلب سقته. "غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ، مَرَّتْ بكَلْبٍ علَى رَأْسِ رَكِيٍّ يَلْهَثُ، قالَ: كَادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فأوْثَقَتْهُ بخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ له مِنَ المَاءِ، فَغُفِرَ لَهَا بذلكَ."الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 3321 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
والمرأة التي دخلت النار في هرة حبستها، لا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ولا هي أطعمتها.
"عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتْها حتَّى ماتَتْ، فَدَخَلَتْ فيها النَّارَ، لا هي أطْعَمَتْها ولا سَقَتْها، إذْ حَبَسَتْها، ولا هي تَرَكَتْها تَأْكُلُ مِن خَشاشِ الأرْضِ.الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3482 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
إذًا لا تحتقر أي شيء يقربك من الله -عز وجل- فالإنسان ممكن يكون عابدًا أو زاهدًا ويقع، فاحذر. لَا ترتَكنَّ إِلَى عَمَلِكَ وَلَكِنَّ دَائِمًا ترتَكنَّ إِلَىَ فَضْلِ الْلَّهِ أَنْ يَعْصِمكَ:وأن يبلغك ،. فالمرء مع عبادته وزهده قد يبتلى بلاءً لا يخطر له على بال، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
مداد .

وسائل الثبات على الحق والنجاة من الفتن:
*اعتزال مواطن الفتن:
إنَّ مَن خالَط الفِتَنَ لم يسلَمْ دِينُه مِن الإثمِ، وقد مدَح اللهُ سبحانه وتعالى مَن فَرَّ بدِينِه خشيةَ الفِتنةِ عليه، فقال حكايةً عن أصحابِ الكهفِ"وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا" الكهف: 16.
ويدخل اعتزال مواطن الفتن التوغل في الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي خاصة دون قيود وضوابط شرعية ،فالحذر الحذر.
*شكر النعم وعدم التألي على الله:
قال تعالى" وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ" إبراهيم :7.
فلنشكر الله على نعمة الإيمان ، وعدم السخرية والحكم على عباد الله لظاهر أعمالهم ،لكن نحمد الله على المعافاة والدعاء بالثبات على الحق.
قال تعالى"
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " الحجرات:11.
"أنَّ رَجُلًا قالَ: واللَّهِ لا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلانٍ، وإنَّ اللَّهَ تَعالَى قالَ: مَن ذا الذي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أنْ لا أغْفِرَ لِفُلانٍ، فإنِّي قدْ غَفَرْتُ لِفُلانٍ، وأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ، أوْ كما قالَ."الراوي : جندب بن عبدالله - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2621 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر.

الشرح:
في هذا الحديثِ يَحكي النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ رَجلًا قال: واللهِ لا يَغفِرُ اللهُ لِفلانٍ؛ قالَه استِكثارًا، أو استِكبارًا لذَنبِه، أو تَعظيمًا لنَفْسِه حينَ جَنى عَليه، فَقال ربُّ العزَّةِ: مَن ذا الَّذي يَتأَلَّى عَليَّ؟! أي: يَتحَكَّمُ عليَّ ويَحلِفُ باسمِي أنَّي لَا أَغفِرُ لفُلانٍ؟! فإِنِّي قدْ غَفرتُ لفُلانٍ؛ وأَحبطتُ عَملَك، أي: أَذهبتُه سُدًى وأَبطلْتُه؛ وذلكَ لأنَّه قالَ ما قالَ إِعجابًا بعَملِه، وإِعجابًا بنَفسِه، واستِكبارًا عَلى عِبادِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
في الحديثِ: النَّهيُ عنِ الكِبْرِ والعُجْبِ.
وفيهِ: النَّهيُ عنِ احتِقارِ أَحدٍ منَ المُسلمينَ.الدرر.



*كثرة ذكر الله تعالى ، منها المحافظة على أذكار الصباح والمساء وكذلك قراءة القرآن وتدبر به فالقرآن من أعظم أسباب الوقاية قال الله تعالى" إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الأنفال:2.

*ملازمة الصحبة الصالحة المعينة على الثبات:

"وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا "28.
اصبرنفسك واحبسها وثبتها مع المؤمنين العُبَّاد المنيبينَ إلى الله ،فإن في صحبتهم من الفوائد، ما لا يُحصى.فالصحبة الصالحة تذَكِّر بالطريق المستقيم وتعين عليه.
" وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ " أي: لا تجاوزهم بصرك، وترفع عنهم نظرك واهتمامك.

وفيه درس عظيم : أن الإنسان بحاجة إلى التذكير وإن كان قويًا فالمصباح مع المصباح أكثر إنارة للطريق والمصباح الواحد قد تضعف إنارته في أي لحظة ولو كان قويًا .والحذر الحذر فقد يغتر الإنسان ويشعر بأنه لا حاجة إلى التذكير أو يغفل عن ذلك فيحتاج إلى التنبيه مهما بلغ .فذلك من الزاد والتزود في السير إلى الله والدار الآخرة .وفيه تربية للنفس على الافتقار والضعف والتواضع .

*الإكثار من العمل الصالح :
إنَّ للعمل الصالِح وكَثرة العِبادة وكثرة ذكر الله عز وجل واستغفارهِ أثرًا عظيمًا في الوقايةِ من الفِتَن والكُروب ، قبل وقوعها والنجاة منها إذا وَقَعتَ ، قال تعالى عَن نَبيّه يونس عليه الصلاة والسلام " فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" ، قال السعدي رحمه الله تعالى أي " في وقته السابق بكثرة عبادته لربه ، وتسبيحه ، وتحميده ، وفي بطن الحوت حيث قال‏" ‏لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" .
ومِن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم"بادِروا بالأعمالِ فتنًا كقطعِ الليلِ المظلمِ ، يصبحُ الرجلُ مؤمنًا ويمسي كافرًا ، أو يمسي مؤمنًا ويصبحُ كافرًا ، يبيعُ دينَه بعرضٍ من الدنيا " . مسلم 118 ، وفي هذا حَثٌّ على الأعمال الصالِحة قبل تعذّرها والانشغال عنها بما يحدث مِن الفِتَن الشائكة المُتكاثِرة .

*الدعاء ، الدعاء وعدم التألي على الله!
قال تعالى"
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " البقرة:186.
فدعاء الله عَزَّ وَجل ، والتضرّع إليه ، والاستعانة به ، والتبرؤ من الحَول والقوّة ، مِن أنجع الوسائل وأنفعها في الوقاية مِن الفتن والنجاة منها ، وفي الِهداية إلى الحق والثَبات عليه ، لا سيما عند التباسهِ بالباطل واختلاف الناس فيه ، وذلكَ لأنَّ مالِكَ القلوب ومُقلّبها هو الله عز وجل ، لا يهدي إلى الحق ، ولا يثبّت العَبد عليه إلا هو : قال الله عز وجل "يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء "إبراهيم:27. ، ومِن أنفع الأدعية في ذلك ما كانَ يدعو به صلى الله عليه وسلم ويحافظ عليه كل ليلة في الاستفتاح به في قيام الليل " اللهمَّ ربَّ جبرائيلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ ، فاطرَ السماواتِ والأرضِ ، عالمَ الغيبِ والشهادةِ ، أنت تحكم بين عبادِك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدِني لما اختُلفَ فيه من الحقِّ بإذنِك إنك تهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مستقيم " مسلم 770 .
ومِن ذلك ما رواه زيد بن ثابت رضي الله عنهُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "
تعوَّذوا باللهِ من الفتنِ ، ما ظهرَ منها وما بطنَ " ، قالوا " نعوذُ باللهِ من الفتنِ ، ما ظهرَ منها وما بطنَ " . مسلم 2867 .

يَقولُ التَّابعيُّ شَهْرُ بنُ حَوشَبٍ في هذا الحديثِ:"قُلتُ لأمِّ سلمةَ : يا أمَّ المؤمنينَ ما كانَ أَكْثرُ دعاءِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إذا كانَ عندَكِ ؟ قالَت : كانَ أَكْثرُ دعائِهِ : يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ قالَت : فقُلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ما أكثرُ دعاءكَ يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ ؟ قالَ : يا أمَّ سلمةَ إنَّهُ لَيسَ آدميٌّ إلَّا وقلبُهُ بينَ أصبُعَيْنِ من أصابعِ اللَّهِ ، فمَن شاءَ أقامَ ، ومن شاءَ أزاغَ . فتلا معاذٌ " رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا" الراوي : شهر بن حوشب - المحدث : الألباني- المصدر : صحيح الترمذي- الصفحة أو الرقم: 3522- خلاصة حكم المحدث : صحيح.

فمن نعم الله علينا البصيرة بالحق والثبات عليه .قال تعالى" وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ" إبراهيم :7.


قال شيخ الإسلام "ولا تقَع فتنةٌ إلا مِن تَرك ما أمَر الله،

الاستقامة :1/39.

قال شيخ الإسلام "
وكل نعمةٍ منه فضلٌ وكل نِقمةٍ منه عدل"مجموع الفتاوى.
"