عداد الزوار

‏إظهار الرسائل ذات التسميات قسم المواسم. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قسم المواسم. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 8 أبريل 2020

حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان

حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد نبي التوبة والرحمة.
أما بعد: فقد قال الله تعالى" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا "المائدة:3. الآية من سورة المائدة، وقال تعالى" أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ "الشورى:21.
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه، أن النبي
صلى الله عليه وسلم؛ كان يقول في خطبة الجمعة"أَمَّا بَعْدُ، فإنَّ خَيْرَ الحَديثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بدْعَةٍ ضَلَالَةٌ"صحيح مسلم.
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل دلالة صريحة على أن الله سبحانه وتعالى قد أكمل لهذه الأمة دينها، وأتم عليها نعمته، ولم يتوف نبيه عليه الصلاة والسلام إلا بعدما بلغ البلاغ المبين، وبين للأمة كل ما شرعه الله لها من أقوال وأعمال، وأوضح
صلى الله عليه وسلم؛ أن كل ما يحدثه الناس بعده وينسبونه إلى دين الإسلام من أقوال أو أعمال، فكله بدعة مردود على من أحدثه، ولو حسن قصده، وقد عرف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ الأمر، وهكذا علماء الإسلام بعدهم، فأنكروا البدع وحذروا منها، كما ذكر ذلك كل من صنف في تعظيم السنة وإنكار البدعة كابن وضاح، والطرطوشي، وأبي شامة وغيرهم. من البدع التي أحدثها بعض الناس: بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان، وتخصيص يومها بالصيام، وليس على ذلك دليل يجوز الاعتماد عليه، وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها، أما ما ورد في فضل الصلاة فيها، فكله موضوع، كما نبه على ذلك كثير من أهل العلم

ومن البدع التي أحدثها بعض الناس: بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان، وتخصيص يومها بالصيام، وليس على ذلك دليل يجوز الاعتماد عليه، وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها.
أما ما ورد في فضل الصلاة فيها، فكله موضوع، كما نبه على ذلك كثير من أهل العلم، وسيأتي ذكر بعض كلامهم إن شاء الله وورد فيها أيضا آثار عن بعض السلف من أهل الشام وغيرهم، والذي أجمع عليه جمهور العلماء أن الاحتفال بها بدعة، وأن الأحاديث الواردة في فضلها كلها ضعيفة، وبعضها موضوع، وممن نبه على ذلك الحافظ ابن رجب، في كتابه:لطائف المعارف وغيره، والأحاديث الضعيفة إنما يعمل بها في العبادات التي قد ثبت أصلها بأدلة صحيحة، أما الاحتفال بليلة النصف من شعبان، فليس له أصل صحيح حتى يستأنس له بالأحاديث الضعيفة.
وقد ذكر هذه القاعدة الجليلة الإمام: أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. وأنا أنقل لك أيها القارئ، ما قاله بعض أهل العلم في هذه المسألة، حتى تكون على بينة في ذلك، وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن الواجب: رد ما تنازع فيه الناس من المسائل إلى كتاب الله- عز وجل، وإلى سنة رسول الله
صلى الله عليه وسلم؛، فما حكما به أو أحدهما فهو الشرع الواجب الاتباع، وما خالفهما وجب اطراحه، وما لم يرد فيهما من العبادات فهو بدعة لا يجوز فعله، فضلا عن الدعوة إليه وتحبيذه، كما قال سبحانه في سورة النساء" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا "النساء:59. وقال تعالى"وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ "الشورى:10. الآية من سورة الشورى، وقال تعالى" قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ "آل عمران:31. الآية من سورة آل عمران، وقال عز وجل" فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا "النساء:65. والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهي نص في وجوب رد مسائل الخلاف إلى الكتاب والسنة، ووجوب الرضى بحكمهما، وأن ذلك هو مقتضى الإيمان، وخير للعباد في العاجل والآجل، وأحسن تأويلا: أي عاقبة.
قال الحافظ ابن رجب-رحمه الله- في كتابه: لطائف المعارف-في هذه المسألة- بعد كلام سبق- ما نصه: وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام؛ كخالد بن معدان، ومكحول، ولقمان بن عامر وغيرهم، يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، وقد قيل: إنه بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان، اختلف الناس في ذلك فمنهم من قبله منهم، ووافقهم على تعظيمها، منهم طائفة من عباد أهل البصرة وغيرهم، وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز، منهم: عطاء، وابن أبي مليكة، ونقله عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، عن فقهاء أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم، وقالوا: ذلك كله بدعة واختلف علماء أهل الشام في صفة إحيائها على قولين:
أحدهما: أنه يستحب إحياؤها جماعة في المساجد.كان خالد بن معدان ولقمان بن عامر وغيرهما يلبسون فيها أحسن ثياب، ويتبخرون ويتكحلون، ويقومون في المسجد ليلتهم تلك، ووافقهم إسحاق بن راهويه على ذلك، وقال في قيامها في المساجد جماعة: ليس ذلك ببدعة، نقله حرب الكرماني في مسائله.
والثاني: أنه يكره الاجتماع فيها في المساجد للصلاة والقصص والدعاء، ولا يكره أن يصلي الرجل فيها لخاصة نفسه، وهذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم، وهذا هو الأقرب إن شاء الله تعالى، إلى أن قال: ولا يعرف للإمام أحمد كلام في ليلة نصف شعبان، ويتخرج في استحباب قيامها عنه روايتان: من الروايتين عنه في قيام ليلتي العيد، فإنه - في رواية- لم يستحب قيامها جماعة لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ وأصحابه، واستحبها - في رواية- لفعل عبدالرحمن بن يزيد بن الأسود لذلك وهو من التابعين، فكذلك قيام ليلة النصف، لم يثبت فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولا عن أصحابه، وثبت فيها عن طائفة من التابعين من أعيان فقهاء أهل الشام.
انتهى المقصود من كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله، وفيه التصريح منه بأنه لم يثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم؛ ولا عن أصحابه رضي الله عنهم شيء في ليلة النصف من شعبان، وأما ما اختاره الأوزاعي رحمه الله من استحباب قيامها للأفراد، واختيار الحافظ ابن رجب لهذا القول، فهو غريب وضعيف؛ لأن كل شيء لم يثبت بالأدلة الشرعية كونه مشروعًا، لم يجز للمسلم أن يحدثه في دين الله، سواء فعله مفردا أو في جماعة، وسواء أسره أو أعلنه. لعموم قول النبي ï·؛: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وغيره من الأدلة الدالة على إنكار البدع والتحذير منها.
وقال الإمام أبو بكر الطرطوشي رحمه الله في كتابه: الحوادث والبدع ما نصه: وروى ابن وضاح عن زيد بن أسلم، قال: ما أدركنا أحدًا من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان، ولا يلتفتون إلى حديث مكحول، ولا يرون لها فضلاً على ما سواها.
وقيل لابن أبي مليكة: إن زيادا النميري يقول: إن أجر ليلة النصف من شعبان كأجر ليلة القدر، فقال: لو سمعته وبيدي عصا لضربته. وكان زياد قاصًا، انتهى المقصود.
وقال العلامة: الشوكاني رحمه الله في: الفوائد المجموعة- ما نصه: حديث: يا علي من صلى مائة ركعة ليلة النصف من شعبان يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد عشر مرات قضى الله له كل حاجة إلخ وهو موضوع، وفي ألفاظه المصرحة بما يناله فاعلها من الثواب ما لا يمتري إنسان له تمييز في وضعه، ورجاله مجهولون، وقد روي من طريق ثانية وثالثة كلها موضوعة ورواتها مجاهيل، وقال في: المختصر: حديث صلاة نصف شعبان باطل، ولابن حبان من حديث علي: إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، ضعيف. وقال في: اللآلئ: مائة ركعة في نصف شعبان بالإخلاص عشر مرات مع طول فضله، للديلمي وغيره موضوع، وجمهور رواته في الطرق الثلاث مجاهيل ضعفاء قال: واثنتا عشرة ركعة بالإخلاص ثلاثين مرة موضوع وأربع عشرة ركعة موضوع.
وقد اغتر بهذا الحديث جماعة من الفقهاء كصاحب الإحياء- وغيره وكذا من المفسرين، وقد رويت صلاة هذه الليلة- أعني: ليلة النصف من شعبان على أنحاء مختلفة كلها باطلة موضوعة، ولا ينافي هذا رواية الترمذي من حديث عائشة لذهابه
صلى الله عليه وسلم؛ إلى البقيع، ونزول الرب ليلة النصف إلى سماء الدنيا، وأنه يغفر لأكثر من عدة شعر غنم كلب، فإن الكلام إنما هو في هذه الصلاة الموضوعة في هذه الليلة، على أن حديث عائشة هذا فيه ضعف وانقطاع، كما أن حديث علي الذي تقدم ذكره في قيام ليلها، لا ينافي كون هذه الصلاة موضوعة، على ما فيه من الضعف حسبما ذكرناه. انتهى المقصود.
وقال الحافظ العراقي: حديث صلاة ليلة النصف موضوع على رسول الله
صلى الله عليه وسلم؛ وكذب عليه.
وقال الإمام النووي في كتاب: المجموع: الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي اثنتا عشرة ركعة بين المغرب والعشاء، ليلة أول جمعة من رجب، وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة، هاتان الصلاتان بدعتان منكرتان، ولا يغتر بذكرهما في كتاب: قوت القلوب، وإحياء علوم الدين، ولا بالحديث المذكور فيهما، فإن كل ذلك باطل، ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما، فإنه غالط في ذلك.
وقد صنف الشيخ الإمام: أبو محمد عبدالرحمن بن إسماعيل المقدسي كتاباً نفيساً في إبطالهما، فأحسن فيه وأجاد، وكلام أهل العلم في هذه المسألة كثير جداً، ولو ذهبنا ننقل كل ما اطلعنا عليه من كلام في هذه المسألة، لطال بنا الكلام، ولعل فيما ذكرنا كفاية ومقنعاً لطالب الحق.
ومما تقدم من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم، يتضح لطالب الحق أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها، وتخصيص يومها بالصيام بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم، وليس له أصل في الشرع المطهر، بل هو مما حدث في الإسلام بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم، ويكفي طالب الحق في هذا الباب وغيره قول الله عز وجل" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ "المائدة:3. وما جاء في معناها من الآيات، وقول النبي
صلى الله عليه وسلم؛: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وما جاء في معناه من الأحاديث، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بقِيَامٍ مِن بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بصِيَامٍ مِن بَيْنِ الأيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكونَ في صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ. "صحيح مسلم.
فلو كان تخصيص شيء من الليالي، بشيء من العبادة جائزا، لكانت ليلة الجمعة أولى من غيرها. لأن يومها هو خير يوم طلعت عليه الشمس، بنص الأحاديث الصحيحة عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم؛، فلما حذر النبي صلى الله عليه وسلم؛ من تخصيصها بقيام من بين الليالي، دل ذلك على أن غيرها من الليالي من باب أولى، لا يجوز تخصيص شيء منها بشيء من العبادة، إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص. ولما كانت ليلة القدر وليالي رمضان يشرع قيامها والاجتهاد فيها، نبه النبي صلى الله عليه وسلم؛ على ذلك، وحث الأمة على قيامها، وفعل ذلك بنفسه، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال:مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ.ومَن قامَ ليلةَ القَدرِ إيمانًا واحتِسابًا ، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ" صحيح سنن النسائي.
فلو كانت ليلة النصف من شعبان، أو ليلة أول جمعة من رجب أو ليلة الإسراء والمعراج يشرع تخصيصها باحتفال أو شيء من العبادة، لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم؛ الأمة إليه، أو فعله بنفسه، ولو وقع شيء من ذلك لنقله الصحابة رضي الله عنهم إلى الأمة، ولم يكتموه عنهم، وهم خير الناس، وأنصح الناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ورضي الله عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وأرضاهم.
وقد عرفت آنفا من كلام العلماء أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم شيء في فضل ليلة أول جمعة من رجب، ولا في ليلة النصف من شعبان، فعلم أن الاحتفال بهما بدعة محدثة في الإسلام، وهكذا تخصيصها بشيء من العبادة، بدعة منكرة، وهكذا ليلة سبع وعشرين من رجب، التي يعتقد بعض الناس أنها ليلة الإسراء والمعراج، لا يجوز تخصيصها بشيء من العبادة، كما لا يجوز الاحتفال بها، للأدلة السابقة، هذا لو علِمت، فكيف والصحيح من أقوال العلماء أنها لا تعرف، وقول من قال: أنها ليلة سبع وعشرين من رجب، قول باطل لا أساس له في الأحاديث الصحيحة، ولقد أحسن من قال: وخير الأمور السالفات على الهدى وشر الأمور المحدثات البدائع.
والله المسؤول أن يوفقنا وسائر المسلمين للتمسك بالسنة والثبات عليها، والحذر مما خالفها، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز1/ 186.
 
*أحاديث وردت في النصف من شعبان وبيان حالها من حيث الثبوت والرد

التحقيق من خلال موقع الدرر السنية
"إنَّ اللَّهَ ليطَّلعُ في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلقِه إلَّا لمشرِكأومشاحنٍ"الراوي : أبو موسى الأشعري -المحدث : الألباني -المصدر : صحيح ابن ماجه -الصفحة أو الرقم- 1148 خلاصة حكم المحدث : حسن

x"........ينزلُ ليلةَ النِّصفِ مِن شعبانَ إلى سماءِ الدُّنيا فيغفرُ لأكثرِ مِن عددِشعرِغنمِبنيكلبٍ"الراوي : عائشة أم المؤمنين -المحدث : العيني -المصدر : عمدة القاري-الصفحة أو الرقم- 11/116 خلاصة حكم المحدث : منقطع.



فقدتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ذاتَ ليلةٍ ، فخرجتُ أطلبُهُ ، فإذا هوَ بالبقيعِ رافعٌ رأسَهُ إلى السَّماءِ. فقالَ: يا عائشةُ أكُنتِ تخافينَ أن يَحيفَ اللَّهُ عليكِ ورسولُهُ قالَت قد قلتُ : وما بي ذلِكَ ولَكِنِّي ظننتُ أنَّكَ أتيتَ بعضَ نسائِكَ ، فقالَ : إنَّ اللَّهَ تعالى ينزِلُليلةَالنِّصفِمنشعبانَإلىالسَّماءِالدُّنيا ، فيغفرُ لأكْثرَ من عددِ شَعرِ غنَمِ كلبٍ "الراوي : عائشة أم المؤمنين -المحدث : الألباني -المصدر : ضعيف ابن ماجه -الصفحة أو الرقم- 262 خلاصة حكم المحدث : ضعيف

يا عائشةُ أو ياحُميْراءُ ! أظننتِ أنَّ النَّبيَّ قد خاسَ بكِ ؟ ! قُلتُ : ولا واللهِ يا رسولَ اللهِ ! ولكنِّي ظننتُ أنَّكَ قُبِضْتَ لِطولِ سجودِكَ فقال : أتدرينَ أيُّ ليلةٍ هذهِ ؟ قُلتُ : اللهُ ورسولُه أعلَمُ قال : هذهِ ليلةُ النِّصفِ من شَعبانَ ، إنَّ اللهَّ عزَّ وجلَّ يَطَّلعُ على عِبادِه في ليلَةِ النِّصفِ مِن شَعبانَ ، فيغفرُ للمستَغفرينَ ، ويرحمُالمستَرحمينَ ، ويُؤَخِّرُأهلَالحِقدِ كما هُمْ"الراوي : عائشة أم المؤمنين -المحدث : الألباني -المصدر : ضعيف الترغيب -الصفحة أو الرقم- 1654 خلاصة حكم المحدث : ضعيف

"إذا كانَ ليلةُ النِّصفِ من شَعبانَ. فقومواليلَهاوصوموانَهارَها"الراوي : علي بن أبي طالب -المحدث : الشوكاني -المصدر : الفوائد المجموعة-الصفحة أو الرقم: 51 خلاصة -حكم المحدث : ضعيف

؟عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال. قال رسول الله “أتاني جبريل ليلة النصف من شعبان وقال يا محمد هذه ليلة تفتح فيها أبواب السماء وأبواب الرحمة فقم وصلّ وارفع رأسك ويدك إلى السماء فقلت: يا جبرائيل ما هذه الليلة؟ فقال هذه ليلة يفتح فيها ثلاثمائة باب من الرحمة فيغفر الله تعالى لجميع من لا يشرك بالله شيئاً إلا من كان ساحراً أو كاهناً أومشاحنًا أو مدمن خمر أو مصرًا على زنا أو آكل الربا أو عاقاً لوالديه أو النمام أو قاطع الرحم فإن هؤلاء لا يغفر لهم حتى يتوبوا”.
*هذا الحديث لم يعثر عليه لا صحيح ولا ضعيف

"منأحياليلتَيِالعيدِوليلةَالنِّصفِمنشعبانَ لم يَمُت قلبُهُ يومَ تموتُ فيهِ القلوبُ"الراوي : كردوس -المحدث : ابن الجوزي -المصدر : العلل المتناهية -الصفحة أو الرقم: 2/562 خلاصة حكم المحدث : لا يصح وفيه آفات
*الخلاصة:
لم يثبت أي حديث مما سبق سوى الحديث الأول ويوجد خلاف في ثبوته بين محققي الأحاديث. 

السبت، 26 أغسطس 2017

صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ

صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ

قال الإمام مسلم في صحيحه : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى قَالَا :حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ،قال:حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيَّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِهِ قَالَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَبِبَيْعَتِنَا بَيْعَةً قَالَ فَسُئِلَ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ فَقَالَ لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ أَوْ مَا صَامَ وَمَا أَفْطَرَ قَالَ فَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ قَالَ وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ قَالَ وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمَيْنِ قَالَ لَيْتَ أَنَّ اللَّهَ قَوَّانَا لِذَلِكَ قَالَ وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ قَالَ ذَاكَ صَوْمُ أَخِي دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ قَالَ ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ قَالَ فَقَالَ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ صَوْمُ الدَّهْرِ قَالَ وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ" يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ" قَالَ وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ "يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ"
صحيح مسلم   » كتاب الصيام  »باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس-حديث رقم:1162.هنا.

"صيامُ يومِ عرفةَ إنِّي أحتسبُ على اللَّهِ أن يُكفِّرَ السَّنةَ الَّتي قبلَهُ والَّتي بعدَهُ"الراوي : أبو قتادة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه-الصفحة أو الرقم: 1416- خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر .
 
الشرح 
" يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ " هذا لا إشكال فيه ذنوب وقعت وحصلت من المسلم تكفر بالصيام، وهذا كما تقدم المراد بالذنوب المكفرة هي الصغائر، وأما الكبائر فإنها لا تكفرها إلا التوبة عند الجمهور، وإن كان الصغائر قليلة مع أنها ... ، أو لا توجد، وهذا لا يتصور، فإنه يخفف من الكبائر بقدر ما فعله من نوافل." يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ" يعني اللاحقة، يكفر سنتين، فإما أن يوفق لعدم الوقوع في الذنوب، أو إذا وقع منه شيء من ذلك كفر عنه، كما حصل في السنة الماضية، وإذا صام يوم عرفة اللاحق فإنه وقد كفرت ذنوبه في السنة الماضية بسبب صيامه الماضي، لا شك أنه يخفف عنه من الذنوب الأخرى، أو ترفع درجاته، يعني الله -جل وعلا- لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
قد يقول قائل: أنا أصوم عرفة في كل سنة، فما معنى يكفر سنة ماضية وسنة لاحقة؟ أنا لا أحتاج إلا لسنة واحدة؛ لأن السنة الثانية مكفرة بعرفة، نقول: لا، الله -جل وعلا- لا يضيع عملك، إذا أحسنت العمل فالله -جل وعلا- يدخر لك ذلك، فإن صادف ما ينبغي تكفيره كفر، وإلا رفعت بذلك الدرجات.

شرح المحرر في الحديث - عبد الكريم الخضير

الثلاثاء، 18 يوليو 2017

تسمية الحجر بحجر إسماعيل خطأ

تسمية الحجر بـ ( حجر إسماعيل ) خطأ ولا أصل لها !!! سئل الإمام العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - كما في : فتاويه :12/398 :
" هذا الحجر يسميه كثير من العوام حجر إسماعيل ، ولكن هذه التسمية خطأ ليس لها أصل ، فإن إسماعيل لم يعلم عن هذا الحجر ، لأن سبب هذا الحجر أن قريشًا لما بنت الكعبة ، وكانت في الأول على قواعد إبراهيم ممتدة نحو الشمال ، فلما جمعت نفقة الكعبة وأرادت البناء ، قصرت النفقة فصارت لا تكفي لبناء الكعبة على قواعد إبراهيم ، فقالوا نبني ما تحتمله النفقة ، والباقي نجعله خارجًا ونحجر عليه حتى لا يطوف أحد من دونه ، ومن هنا سمي حجرًا ، لأن قريشًا حجرته حين قصرت بها النفقة ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة - رضى الله عنها -
"يا عائشة ! لولا أنَّ قومَكِ حديثو عهْدٍ بشرْكٍ ، لهدَمْتُ الكَعْبَةَ . فألْزَقْتُها بالأرْضِ . وجعَلْتُ لها بابَيْنِ بابًا شرْقِيًّا وبابًا غربِيًّا . وزدتُّ فيها ستَّةَ أذرُعٍ منَ الْحِجْرِ . فإِنَّ قريشًا اقتصرتْها حيثُ بنتِ الكعبةَ"الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 1333 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر .
فتسمية الناس للحِجر بحِجر إسماعيل تسمية لا أصل لها ، ولا علم لإسماعيل عليه السلام بهذا الحِجر ، فقد بنى إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام الكعبة بناء كاملا مشتملا على هذا الحِجر ، ثم إن جدران الكعبة تصدعت من أثر حريق وسيل جارف حدث قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، فهدمت قريش ما بقي من جدرانها ، ثم أعادت بناءها ، فقصرت بها النفقة الطيبة عن إتمام البناء على قواعد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ، فأخرجوا منها الحِجر ، وبنوا عليه جدارا قصيرا دلالة على أنه منها ، وكانوا قد شرطوا على أنفسهم ألا يدخلوا في بنائها إلا نفقة طيبة ، لا يدخلها مهر بغي ولا بيع ربا ، ولا مظلمة لأحد.
سألتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ الجَدرِ أمنَ البيتِ هو ؟ قال "نعمْ" . قلتُ : فما بالُهم لم يُدخِلوه في البيتِ ؟ قال " إن قومَكِ قَصُرَتْ بهمُ النفقَةُ " . قلتُ : فما شأنُ بابِه مرتفعًا ؟ قال " فعَل ذاكَ قومُكِ ليُدخِلوا مَن شاؤوا ويمنَعوا مَن شاؤوا، لولا أن قومَكِ حديثُ عهدٍ بالجاهليةِ فأخافُ أن تُنكِرَ قلوبُهم، أن أُدخِلَ الجَدرَ في البيتِ، وأن أُلصِقَ بابَه في الأرضِ " .
الراوي : عائشة أم المؤمنين- المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 7243 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر .

والجَدر : لغة في الجدار ، والمراد به الحِجر . فالصواب أن يقال : الحجر ، دون أن ينسب إلى إسماعيل عليه السلام .
الإسلام سؤال وجواب .

الثلاثاء، 2 مايو 2017

وأقبل شهر شعبان

وأقبل شهر شعبان

حـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـي شـعبان ؟
ـ عـن أسـامة بـن زيـد ـ رضي الله عنهما ـ قـال : قلـتُ يـا رسـول الله ! لَـمْ أَرَكَ تصـوم مـن شـهر مـن الشـهور ما تصـوم من شـعبان ؟ .
قـال ـ صلـى الله عليه وسـلم ـ :
" ذاك شـهر تغفـل النـاس فيـه عنـه ، بيـن رجـب ورمضـان ، وهـو شـهر ترفـع فيـه الأعمـال إلـى رب العالميـن ، وأحـب أن يُرفـع عملـي وأنـا صائـم " .
رواه النسائي . وحسنه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / ( 9 ) ـ كتاب : الصوم / ( 8 ) ـ باب ـ : الترغيب في صوم شعبان / حديث رقم : 1022 / ص : 595 .
وقـد بيِّـنَ صلـى الله عليـه وسـلم فـي هـذا الحديـث ؛ الحكمـة مـن إكثـار الصـوم في هذا الشهر ، وهـي :
أ ـ غفلـة النـاس عن هذا الشهر .
ب ـ رفـع الأعمـال فيـه إلـى الله .
ـ عـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ قالـت :
" كـان رسـولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يصـومُ حتـى نقـولَ لا يفطـرُ ، ويفطـر حتـى نقـولَ لا يصـوم ، وما رأيـتُ رسـولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ اسـتكمل صيـامَ شـهرٍ قـطّ إلا شـهرَ رمضـانَ ، ومـا رأيتُـهُ فـي شـهرٍ أكثـرَ صيامـًا منـه فـي شـعبان " .
صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / ( 9 ) ـ كتاب : الصوم /
( 8 ) ـ باب ـ : الترغيب في صوم شعبان / حديث رقم : 1024

قالـت ـ أي : عائشـة ـ : " مـا رأيـتُ النبـيَّ فـي شـهر أكثـر صيامـًا منـه فـي شـعبان،كـان يصومـه إلا قليـلاً ، بـل كـان يصومُـه كُلَّـه (1)
صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / ( 9 ) ـ كتاب :الصوم /( 8 ) ـ باب ـ : الترغيب في صوم شعبان /حديث رقم : 1024
( 1 ) كُلّـه : أي أكثـره .
حاشية صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1

ـ عـن أم سـلمة ـ رضي الله عنها ـ قالـت :
" مـا رأيـتُ رسـولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
يصـوم شـهرين متتابعيـن إلا شـعبان ورمضـان " .
رواه الترمذي . وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / ( 9 ) ـ كتاب : الصوم / ( 8 ) ـ باب ـ الترغيب في صوم شعبان / حديث رقم : 1025
هـذا هـو حـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهديـه فـي شـعبان ، كـان يحـب أن يرفـع عملـه وهـو صائـم ،
الله الله على الصوم
فالصوم له تأثيـر عجيـب فـي حفـظ الجـوارح الظاهـرة ، والقـوى الباطنـة .فالصـوم يحفـظ علـى القلـب والجـوارح صحتهـا ويعيـد إليهـا مـا اسـتلبته منهـا أيـدي الشـهوات

* فالصـومُ مـنْ أكبـرِ العـونِ علـى التقـوى .

قـال تعالـى : " يَـا أَيُّهَـا الَّذِيـنَ آمَنُـواْ كُتِـبَ عَلَيْكُـمُ الصِّيَـامُ كَمَـا كُتِـبَ عَلَـى الَّذِيـنَ مِن قَبْلِكُـمْ لَعَلَّكُـمْ تَتَّقُـونَ " .سورة البقرة / آية : 183

* الصيـام مـن مظاهـر حسـن الخاتمـة ، وسـبب لدخـول الجنـة

ـ فعـن حذيفـة ـ رضي الله عنه ـ قـال : أسـندتُّ
النبـيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلـى صـدري فقـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " مـن قـال ( لا إله إلا الله ) ؛ خُتـم لـه بهـا ؛ دخـل الجنـة ، ومـن صـام يومـًا ابتغـاء وجـه الله ؛
خُتـم لـه بـه ؛ دخـل الجنـة ، ومـن تصـدق بصدقـة ابتغـاء وجـه الله ؛ خُتـم لـه بهـا ؛ دخـل الجنـة "
رواه أحمد . وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / ( 9 ) ـ كتاب : الصوم / ( 8 ) ـ باب ـ : الترغيب في صوم شعبان / حديث رقم : 985 / ص : 579 .

ألا مـن مُشَـمِّر للجنـة

هيـا نعيـش شـعبان كمـا كـان يعيشـه الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ونهـئ أنفسـنا ونطهرهـا مـن دنـس الذنـوب والمعاصـي تمهيـدًا لاسـتقبال رمضـان والفـوز بـه ، عسـى أن تكـون حسـن خاتمـة .
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :
" إذا أراد الله بعبـدٍ خيـرًا اسـتعمله " . قيـل : كيـف يسـتعمله ؟ .قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسلـم : "يوفقـه لعمـل صالـح قبـل المـوتِ ثـم يقبضـه عليـه " .

رواه أحمد والترمذي عن أنس . وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع الصغير
وزيادته / الهجائي / ج : 1 / حديث رقم : 305 / ص : 117 .

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2016

مصرع طاغية



مصرع طاغية
الحمد لله الذي وعد أولياءه بالنصر والتمكين ، وتوعّد أعداءه بالذُّلِّ والخُذلان المبين.في مثل هذا الشهر تواعد حزب الشيطان وتوعّدوا أولياء الرحمن فجُمِعت الجموع ، وحُشِدت الحشود ، وجُيّشت الجيوش فاستعدّ رأس الكُفر ورئيسه لاستئصال الفئة المؤمنة .
قال ربنا تبارك وتعالى :
" فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ "
لماذا يحشد جُنوده ؟
" إِنَّ هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ"
عجيب أمرُه !
أوَ يخشى الإله ويُحاذر ؟ أين ما كان يدّعيه من الربوبية ؟
ولكنهم على أنفسهم يجنون ، وللنعمة هم يُزيلون
قال سبحانه :

" فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ "
أي عند طلوع الشمس .
ثم ماذا ؟
" فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ"
ورأى كل فريق خصمَه .
" قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ "
أي لا محالة ، ولا مفرّ ، فالبحرُ من أمامنا ، والعدوُ مِن خلفنا بقضّه وقضيضه ، بخيله ورجِلِه ، بعُدّته وعتاده .
فماذا كان موقف نبيُّ الله موسى عليه الصلاة والسلام ؟
هو موقفُ الواثق بالله الموقن بنصرِه .
" قَالَ كَلاّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ "
فيأتيه الفَرَجُ والجواب :
" فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ "
ماذا يضربُ بها ؟
عصا صغيرة كان يتوكأ عليها ، ويهشّ بها على غنمه .يضرب بها البحرَ العظيم المتلاطم .
" فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ * وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ "
لتبقى هذه القصة عِظة وعِبرة ، ولذلك قال الله بعد سياق هذه القصة :
" إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ "
قال رب العِزّة سبحانه في أخبار آل فرعون : " ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ لِّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ * وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ "
فكانت العاقبة للمتقين ، كما كان موسى يقول لقومه من قبل :
" اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ "
قال الله عز وجل :
" وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ"
فهل شكر بنو إسرائيل هذه النّعمة يوم أنْ أنجاهم ربهم سبحانه وتعالى من عدوّهم ؟
استمع إلى قول الله جل جلاله :
" وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَآئِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ َلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * إِنَّ هَـؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * قَالَ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَـهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ"
أما نبيّ الله موسى عليه الصلاة والسلام فقد شكر الله عز وجل على ما أولاه مِن نِعْمَـة ، فصام ذلك اليوم شُكراً لله عز وجل .
وفي هذا دليل على أن الشكر العمليّ أبلغُ من الشكر بالقول فحسب .
أيها الكرام :
تلك كانت عاقبة قومِ فرعون .
وهي نهاية من طغى وبغى وتجبّر وعتى عتواً كبيراً وأفسد في الأرض فساداً عظيما .
ولذا قال الله عز وجل :

" أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ "
ولما ذكر الله عاقبة الظالمين :
" وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ "
فقوة الله لا تقف أمامها قوةّ مهما بلغت في العتوّ والجبروت والعظمة .
ولكننا نحتاج إلى أن نستمد النصر والعز والتمكين من العزيز الحميد .
وإننا نستفتح عامنا هذا بشهرنا هذا ، وهو من الأشهر الحُـرُم
وقد قال الله تبارك وتعالى فيهن :

" إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ "
قال قتادة : الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم في سواها .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن شهرِ محرم : أفضلُ الصيام بعد رمضانَ شهرُ الله المحرم ، وأفضلُ الصلاةِ بعد الفريضةِ صلاةُ الليل . رواه مسلم
قال ابن عباس رضي الله عنهما : قدِم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة واليهودُ تصوم عاشوراء . فقال : ما هذا اليوم الذي تصومونه ؟ فقالوا : هذا يومٌ عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه ، وغرّق فرعونَ وقومَه ، فصامه موسى شكراً ، فنحن نصومه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فنحن أحقُّ وأولى بموسى منكم . فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه . رواه البخاري ومسلم .
ولكنّ نفس نبيّ الله صلى الله عليه وسلم لم تَطِب بمُشابهة اليهود ، فأمر بمخالفتهم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع .. يعني مع العاشر . رواه مسلم .
ولما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه . قالوا : يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع . فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم .
وهذا من حرصه عليه الصلاة والسلام على مُخالفة أهل الكتاب .
وقد أكثر النبي صلى الله عليه وسلم من مُخالفة أهل الكتاب حتى قالت اليهود :
ما يريد هذا الرجل أن يدعَ من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه . رواه مسلم .
إذاً القضية تمايز وتباين بين أمة الإسلام وأمم الأرض .
وفي مسألة التّشبّه لا يُشترط القصد في المشابهة .
إخواني :

ونحن نستفتح هذا العام حريٌّ بنا أن نستغلَّ مواسم الخيرات ، ومن ذلك صيام يوم عاشوراء ، فإن صيامَه يُكفّر ذنوب سنة ماضية .
قال صلى الله عليه وسلم : صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله . رواه مسلم .
وسُئل ابن عباس رضي الله عنهما عن صيام يوم عاشوراء . فقال : ما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوما يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم ، ولا شهراً إلا هذا الشهر . يعني رمضان . رواه مسلم .
ولا يُشرع في مثل هذا اليوم إقامة احتفالات أو جعله عيدًا .
روى مسلمٌ عن أبي موسى رضي الله عنه قال : كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيداُ ويُلبسون نساءهم فيه حُلِيّهم وشارتهم .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فصوموه أنتم .
فلنستفتح عامنا هذا بتوبة صادقة ، وأوبةٍ وعودة وإنابة لعلّ الله أن يُغيّر ما بنا وما بأمتنا .

فإن الله لا يُغيّر ما بقومٍ حتى يُغيّروا ما بأنفسهم .
وهذه سُنة ربانية ماضية .
وإن أعداء الأمة لا يتسلّطون على أمة الإسلام إلا نتيجة للذنوب .
قال الله جل جلاله :
" وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً "
قال ابن القيم رحمه الله :
فالآية على عمومها وظاهرها ، وإنما المؤمنون يصدر منهم من المعصية والمخالفة التي تضادّ الإيمان ما يصير به للكافرين عليهم سبيل بحسب تلك المخالفة ، فهم الذين تسببوا إلى جعل السبيل عليهم .
وقال رحمه الله :
اقتضت حكمة الله العزيز الحكيم أن يأكل الظالم الباغي ويتمتع في خفارة ذنوب المظلوم المبغي عليه ، فذنوبه من أعظم أسباب الرحمة في حق ظالمه . انتهى .
فالأمة اليوم بحاجة ماسة إلى العودة إلى كتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم .
وهي بحاجة إلى التوبة من الموبقات سواء ما كان منها على مستوى الدول أو على مستوى الشعوب أو على مستوى الأشخاص .
إن نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما بنى البيت هو وابنه إسماعيل قال :
( رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) .
وإن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم كان مِن دُعائه : رب اغفر لي خطيئتي وجهلي ، وإسرافي في أمري كله ، وما أنت أعلم به مني ، اللهم اغفر لي خطاياي وعمدي ، وجهلي وهزلي وكل ذلك عندي ، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير . رواه البخاري ومسلم .
إذا كان مِن غُفِر له ما تقدّم مِن ذنبه وما تأخر يقول ذلك ... فماذا نقول نحن ؟
* أصل الموضوع كان خُطبة جمعة في 4/1/1424 هـ
رحم الله ابن حزم ، قال ، فَصَدَق ..
قال ابن حزم رحمه الله في " الفصل في الملل والأهواء والنحل " :
اعلموا رحمكم الله أن جميع فرق الضلالة لم يُجرِ الله على أيديهم خيرا ! ولا فَتح بهم مِن بلاد الكفر قرية ، ولا رُفع للإسلام راية ، وما زالوا يَسعون في قلب نظام المسلمين ويُفرِّقون كلمة المؤمنين ، ويَسلّون السيف على أهل الدِّين ، ويَسعون في الأرض مفسدين .
أما الخوارج والشيعة فأمْرُهم في هذا أشهر مِن أن يُتَكَلَّف ذِكْره .
وما تَوَصَّلَت الباطنية إلى كيد الإسلام وإخراج الضعفاء منه إلى الكفر إلاّ على ألْسِنة الشيعة . اهـ .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عن الرافضة : فهل يوجد أضل من قوم يعادون السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ويُوالُون الكفار والمنافقين ؟!
وقال رحمه الله : الرافضة ليس لهم سعي إلاّ في هدم الإسلام ، ونقض عُراه ، وإفساد قواعده .
وقال أيضا : ومَن نَظر في كتب الحديث والتفسير والفقه والسير عَلِم أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى ، وأن أصل كل فِتنة وبَلِية هم الشيعة ومَن انضوى إليهم ، وكثير مِن السيوف التي سُلّت في الإسلام إنما كانت مِن جهتهم ، وعَلِم أن أصلهم ومادّتهم منافقون ، اختلقوا أكاذيب ، وابتدعوا آراء فاسدة ، ليفسدوا بها دين الإسلام .



الأحد، 2 أكتوبر 2016

شهر الله

شهر الله
المجلس الأول

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
من نعم ربِّنَا علينا أنه جعل لنا في أيام دهره نفحات يعيها كل ذي عقل فطن حذر . ونظرًا لأهمية اغتنام هذه النفحات والفرص العظيمة والتي تعتبر من الهبات العظيمة التي تعين على الانتفاع بالأعمار القصيرة ، والأنفاس المحدودة المعدودة نقف مع بعض هذه النفحات ، فقد مرت علينا خير أيام الدهر " العشـر مـن ذي الحجـة " ، وها نحن نقترب من شهر الله المحرم .
لله دَرَّ هذا الشهر العظيم الذي يحوي يومًا عظيمًا ؛ كم فيه من الدروس والعبر تستحق أن يكون لكل مسلم معها وقفات وعظات !
شهر الله المحرم من الأشهر الحرم ،يحرم فيه الظلم وتحريم الظلم يستلزم الاستقامة فمن ظُلم النفس معصية الله.
"فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ " . سورة هود / آية : 112 .
وقـال سـبحانه وتعالـى :
" إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " . سورة الأحقاف / آية : 13 ، 14 .
قـال ابـن ماجـه فـي سـننه :
حدثنـا أبـو مـروان محمـد بـن عثمـان العثمانـي ، قـال : حدثنـا إبراهيـم بـن سـعد ، عـن ابـن شـهاب ، عـن محمـد بـن عبـد الرحمـن بـن ماعـز العامـري ، أن سـفيان بـن عبـد الله الثقفـي قـال : قلـت : يـا رسـول الله حدثنـي بأمـر أعتصـم بـه قـال : " قـل ربـي الله ثـم اسـتقم " قلـت : يـا رسـول الله مـا أكثـر مـا تخـاف علـي ؟ فأخـذ رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بلسـان نفسـه ثـم قـال " هـذا " .
سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / ( 36 ) ـ كتاب : الفتن / ( 12 ) ـ باب :كف اللسان في الفتنة / حديث رقم : 3972 / التحقيق : صحيح / ص : 656 .
قـل ربـي الله فيها اعتراف بكل معاني الربوبية وما يستلزم منها من معاني الألوهية .

*توحيــد الربوبيــة
هـو الإيمـان بأن الـرب هـو الخالـق ، الـرازق ، المحيـي ، المميـت ، مُنَـزِّل الكتـب ، مرسـل الرسـل ، المجـازي فـي الدنيـا والآخـرة ، وإفـراده سـبحانه بكـل هـذا .
فتوحيد الربوبية توحيد الله تعالى بأفعاله كالخلق والرَّزق والإحياء والإماتة وغيرها من أفعاله التي اختص بها ولم يشاركه فيها أحد.
ومـن خـلال هـذا التعريـف نجـد أن :
أقسـام توحيـد الربوبيـة هـى :
1
ـ قــدر كونــي :
قـال تعالى "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ " سورة القمر / آية : 49
وقـال تعالـى "إِنَّمَـا قَوْلُنَـا لِشَـيْءٍ إِذَا أَرَدْنَـاهُ أَن نَّقُـولَ لَـهُ كُـن فَيَكُـونُ "
سورة النحل / آية : 40
فالقـدر الكونـي : كالخلـق ، والـرزق ، والإحيـاء ، والإماتـة ، والنفـع ، والضـر .
2
ـ قـدر تشـريعي  
وهـو يشـمل العلـم ، والرسـالات ، والكتـب ، والوحـي ، والتحليـل ، والتحريـم .
ـ ومـن أدلـة ذلـك :
ـ  العلم  قال تعالى "ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي "سورة يوسف / آية  37
وقـال تعالـى " وَقُـل رَّبِّ زِدْنِـي عِلْمـاً " سورة طه / آية : 114
ـ  الرسـالات  : قـال تعالـى " لِيَعْلَـمَ أَن قَـدْ أَبْلَغُـوا رِسَـالاَتِ رَبِّهِـمْ.
سورة الجن / آية : 28 .
ـ  الكتـب  قـال تعالـى " تِلْـكَ آيَـاتُ الْكِتَـابِ وَالَّـذِيَ أُنـزِلَ إِلَيْـكَ مِـن رَّبِّـكَ الْحَـقُّ ."
سورة الرعد / آية : 1
ـ  الوحـي  قـال تعالـى "ذَلِـكَ مِمَّـا أَوْحَـى إِلَيْـكَ رَبُّـكَ مِـنَ الْحِكْمَـةِ " سورة الإسراء / آية  39 .
ـ " التحليـل والتحريـم "
قـال تعالـى "قُـلْ تَعَالَـوْاْ أَتْـلُ مَـا حَـرَّمَ رَبُّكُـمْ عَلَيْكُـمْ"  .سورة الأنعام / آية : 151 .
باختصار القدر التشريعي يشمل "افعل ولا تفعل  .
3 ـ القــدر الجزائــي  
فالـذي يجـازي فـي الدنيـا والآخـرة إنمـا هـو الـرب
من أمثلـة الجـزاء فـي الدنيـا :
قولـه تعالـى " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ "سورة الفيل / آية : 1 .
وقوله تعالى " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ " سورة الفجر / آية : 6 .
ومـن أمثلـة الجـزاء فـي الآخـرة :
قولـه تعالـى " إِنَّ السَّـاعَةَ ءاَتِيَـةٌ أَكَـادُ أُخْفِيهَـا لِتُجْـزَى كُـلُّ نَفْـسٍ بِمَا تَسْـعَى " . سورة طه / آية : 15 .
وقولـه تعالـى "  أَدْخِلُـوا آلَ فِرْعَـوْنَ أَشَـدَّ الْعَـذَابِ " . سورة غافر / آية : 46 .
وقولـه "  إِنَّـا أَعْتَدْنَـا لِلظَّالِمِيـنَ نَـاراً أَحَـاطَ بِهِـمْ سُـرَادِقُهَا  " . سورة الكهف / آية : 29 .

وقولـه "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَـنْ أَحْسَنَ عَمَلاً * أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَـدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِـمُ الأََنْهَارُ. " .سورة الكهف / آية : 30 ، 31 .
فتوحيـد الربوبيـة : كـل مـا نـزل مـن الـرب إلـى العباد من رزق ، وإحياء ( كوني ) ، رسـالات " تشريعي " .
ونتيجـة تعاملـك مـع قـدر الله الكونـي والتشـريعي ، يكـون قـدر الله الجزائـي .
فالمعاصـي جزاؤهـا الابتـلاءات والمصائـب فـي الدنيـا ، وشـدة سـكرات المـوت ، وعـذاب القبـر ، وشـدة المـرور علـى الصـراط ، وعـذاب النـار ... .
وفـي المقابـل مـن عمـل صالحـًا لا يضيـع أجـره ، ولـه جـزاء ذلـك في الدنيا والآخرة بحكمة الله.
مـع ملاحظـة أن الابتـلاءات فـي الدنيـا قـد تكـون لتكفيـر الذنـوب ، أو لرفـع الدرجـات والتمحيـص ، وليسـت دائمـًا عقابـًا .
فقـد لا ينـال المؤمـن منزلـة عاليـة فـي الآخـرة بعملـه ، فتكـون هـذه الابتـلاءات والصبـر عليهـا سـبب لرفـع درجاتـه .
*توحيــد الألوهيــة " توحيد العبادة"
هـو إفـراد الله تعالـى بالعبـادة ، فكـل مـا هـو صادر مـن العبـاد إلـى الله ، هـو ألوهيـة .
وهذا التوحيد توحيد الألوهية ، تشتمله وتدل عليه
كلمة التوحيد " أشـهد أن لا إله إلا الله "

والعـبادة عرفها شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله:
هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
تسهيل العقيدة الإسلامية للدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين /ص: 38
وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في مدارج السالكين :
الاستقامة " كلمة جامعة آخذة بمجامع الدين وهي القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق والوفاء بالعهد .. وهي تتعلق بالأقوال والأفعال والأحوال والنيات" . ا . هـ .

لمــاذا ســمي المحـــرم بهــذا الاســم ؟
قـال الحافـظ ابـن كثيـر ـ رحمه الله ـ فـي تفسـيره : ( 1654 /4 "  .... أن المحرم سمي بذلك لكونه شهرًا محرمًا ...... سمي بذلك تأكيدًا لتحريمه ، لأن العرب كانت تتلعب به ، فتحله عامًا وتحرمه عامًا .....ا.هـ.
- شهر الله المحرم ، هـو الشهر الأول من السنة القمرية أو التقويم الهجري.

هـل ما سبق ذكره يعني أن شهر الله المحرم هو تاريخ هجرة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟.

التقويـم الهجري بدأ في عهد عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وليس في عهد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
وكان ذلـك سنة سبع عشرة ـ وقيل : سنة ست عشرة ـ هجرية .

والسـنة كانـت معروفـة عنـد النـاس يعنـي يقولـون ، ولـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ عـام الفيـل ، ولـم يكـن للسـنة رقم . وكذلك كانت الشهور معروفـة .
لما اتسعت رقعة الدولة الإسلامية احتيج لتقويم لمعرفة تواريخ الأوامر والقرارات والأسبق منها وَذَكَرُوا فـي سَبب عَمَل عـر التاريخ أشياء .
رُفِـعَ لعمـر صَـكَّ مَحِلّـه شـعبان فقـال :
أيّ شـعبان ؛ الماضـي أو الـذي نحـن فيـه ، أوالآتـي ؟ ضعـوا للنـاس شـيئًا يعرفونـه ،
وأن أبـا موسـى كتـب إلـى عمـر : إنـه يأتينـا منـك كُتُـب ليـس لهـا تاريـخ ... فشـاور عمر أصحابه واستقرت المشـورة علـى أن يبدأ التقويم من السنة التي هاجر فيها الرسول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فجعلوها
 سنة 1، واختاروا سنة الهجـرة لتكون بداية للتقويم فقـط فالتقويـم الهجـري أمر إداري بحـت لتنظيم الرسـائل وأمـور الدولة الإسلامية .
مـا يُســن فـي شــهر الله المحــرم
يُسن فـي هـذا الشـهر الإكثار مـن الصيام وخاصة يـوم عاشوراء .
قـال الإمـام مسـلم فـي صحيحـه :
حدثنـي قتيبـة بـن سـعيد ٍ ، قـال : حدثنـا أبـو عَوَانَـة ، عـن أبـي بِشْـرٍ ، عـن حُميـد بـن عبـد الرحمـن الحِمْيَـريِّ ، عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسُـولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
"أفضـلُ الصيـام بعـدَ رمضـانَ شَـهرُ اللهِ المحَـرَّمُ وأفضَـلُ الصـلاةِ بعـدَ الفريضـةِ صـلاةُ الليـلِ "
صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 38 ) ـ باب : فضل صوم المحرم / حديث رقم : 202 ـ ( 1163 ) / ص : 280 .
منزلة الصوم عند الله
إلا الصـوم فإنـه لـي وأنـا أجـزي بـه
والصيـــام لا مثــل لـه
الصيــام لا عــدل لـه
فللصـوم فضائـل لـو اجتمعـت مـع فضيلـة الزمـان لرجونـا فـوزًا عظيمًـا ، فالصيـام مـن أفضـل الأعمـال .
وقـد اصطفـاه الله تعالـى لنفسـه كمـا فـي الحديـث القدسـي :
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " كـل عمـل ابـن آدم يضاعـف الحسـنة عشـر أمثالهـا ؛ إلـى سـبعمائة ضعـف ، قـال الله عـز وجـل : إلا الصـوم فإنـه لـي وأنـا أجـزي بـه ، يـدَعُ شـهوته وطعامـه مـن أجلـي ، للصائـم فرحتـان ؛ فرحـة عنـد فطـره ، وفرحـة عنـد لقـاء ربـه ، ولخلـوف فيـه أطيـب عنـد الله مـن ريـح المسـك " .
صحيح مسلم " متون " / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 30 ) ـ باب : فضل الصيام / حديث رقم : 164 ـ ( 1151 ) / ص : 275 .
والصيـــام لا مثــل لـه :
* عـن أبـي أمامـة ، قـال : أتيـتُ رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ؛ فقلـتُ : مُرنـي بأمـرِ آخـذه عنـك ، قـال : " عليـك بالصـوم ؛ فإنـه لا مِثـلَ لـه "
سنن النسائي / تحقيق الشيخ الألباني / ( 22 ) ـ كتاب : الصيام / ( 43 ) ـ باب :الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب / حديث رقم : 2220 / ص : 351 / صحيح .
* عـن أبـي أمامـة قـال : قلـتُ : يا رسـول اللهِ مُرنـي بأمـر ينفعنـي الله بـه ، قـال : " عليـك بالصيـام ، فإنـه لا مثـل لـه " .
سنن النسائي / تحقيق الشيخ الألباني / ( 22 ) ـ كتاب : الصيام / ( 43 ) ـ باب :الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب / حديث رقم : 2221 / ص : 351 / صحيح .

الصيــام لا عــدل لـه :
* عن أبي أمامة ، أنـه سأل رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أيُّ العمل أفضلُ ؟ قال : " عليـك بالصـوم ، فإنـه لا عِـدْلَ لـه "
سنن النسائي / تحقيق الشيخ الألباني / ( 22 ) ـ كتاب : الصيام / ( 43 ) ـ باب :الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب / حديث رقم : 2222 / ص : 351 / صحيح .
* * * * *
احــرص علــى مــا ينفعــك

إذا كـان الصيـام بهـذه المنزلـة فلنحـرص علـى مـا ينفعنـا ،فقـد كـان سـلفنا الصالـح شـديدوا اللهفـة والحـرص عمـا ينفعهـم ويدخلهـم الجنـة ، فمـن الأعمـال الفاضلـة بعـد التوبـة وحُسـن أداء الفرائـض ، الحـرص علـى كـل مـا ينفـع .
* عـن أبـي هريـرة ، قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
" المؤمـن القـوي خيـرٌ وأحـبُّ إلـى اللهِ مـن المؤمـن الضعيـف ، وفـي كـلٍّ خيـر .احـرص علـى مـا ينفعـك واسـتعن بالله ولا تَعجِـزْ وإن أصابـك شـيءٌ فـلا تقـل : لـو أنـي فعلـتُ كـان كـذا وكـذا ، ولكـن قـل : قـدَرُ الله ومـا شـاء فعـل ، فـإن لـو تفتـح عمـل الشـيطان " .
صحيح مسلم " متون " / ( 46 ) ـ كتاب : القدر / ( 8 ) ـ باب : في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله ،وتفويض المقادير لله / حديث رقم : 34 ـ ( 2664 ) / ص : 677 .
* عـن أبـي سـلمة قـال سـمعت ربيعـة بـن كعـب الأسـلمي يقـول : كنـت أبيتُ مـع رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، آتيـه بوَضوئـه وبحاجتـه . فقـال : " سـلني . فقلـتُ : مرافقتـك فـي الجنـة . قـال : أو غيـرَ ذلـك " . قلـتُ : هـو ذاك . قـال : " فأعنـي علـى نفسـك بكثـرة السـجود"
سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / ( 312 ) ـ أول كتاب : الصلاة / باب : وقت قيام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الليل /حديث رقم : 1320 / ص : 227 / حديث صحيح .



شهر الله
المجلس الثاني 
اقتضت حكمة الله سبحانه أن يكون بنو آدم خطائين ، واقتضت رحمته أن يتيح لهم مكفرات شتى تغطي الخطيئة وتمحو أثرها ، من صلوات وصدقات وحج وعمرة وغيرها من الحسنات :
قال تعالى " إِنَّ الْحَسَـنَاتِ يُذْهِبْـنَ السَّـيِّئَاتِ ".
والصيام من أعظم المكفرات للذنوب لما فيه من ترك الشهوات ، ومجاهدة النفس وتضييق مجاري الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم . 
وسبق البيان والاستدلال على فضيلة الصيام فـي شهر الله المحرم :
قـال رسُـولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : 
"أفضـلُ الصيـام بعـدَ رمضـانَ شَـهرُ اللهِ المحَـرَّمُ وأفضَـلُ الصـلاةِ بعـدَ الفريضـةِ صـلاةُ الليـلِ
صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 38 ) ـ باب : فضل صوم المحرم / حديث رقم : 202 ـ ( 1163 ) / ص : 280 منزلة الصوم عند الله
إلا الصـوم فإنـه لـي وأنـا أجـزي بـه
والصيـــام لا مثــل لـه 
الصيــام لا عــدل لـه 
فللصـوم فضائـل لـو اجتمعـت مـع فضيلـة الزمـان لرجونـا فـوزًا عظيمًـا ، فالصيـام مـن أفضـل الأعمـال . 
ومن رحمة الله بنا وبضعفنا أعطانا دُرةً مكنونةً في هذا الشهر الفضيل ، ألا وهي يوم عاشوراء ، وجعل فيه الخير الوفير .

".....وسُئلَ عن صومِ يومِ عرفةَ ؟ فقال " يُكفِّرُ السنةَ الماضيةَ والباقيةَ " قال : وسُئلَ عن صومِ يومِ عاشوراءَ ؟ فقال "يُكفِّرُ السنةَ الماضيةَ"الراوي : أبو قتادة الأنصاري - المحدث : مسلم المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 1162 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.

صومُ عاشوراءَ هو أوَّلُ صِيامٍ صامَه المسلمونَ
*قـال البخـاري فـي صحيحـه : 
حدثنـا عَلِـيُّ بـن عبـدِ اللهِ ، قـال : حدثنـا سُـفيانُ ، قـال : حدثنـا أيُّـوبُ السَّـخْتِيَانِيُّ ، عـن ابـن سـعيد بـن جُبيـرِ ، عـن        أبيـهِ ، عـن ابـن عبـاسِ ـ رضي الله عنهما ـ أن النبـي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمـا قَـدِمَ المدينـة وجدهُـم يصومـون يومًـا يعنـي عاشـوراء فقالـوا هـذا يـومٌ عظيـم وهـو يـومُ نَجَّـى اللهُ فيـهِ موسـى وأغـرق آل فِرعـونَ فصام موسى شُـكرًا للهِ ، فقـال " أنـا أولى بموسى منهُم فصامَهُ وأمَرَ بصيامِهِ " . 

صحيح البخاري / ( 60 ) ـ كتاب : أحاديث الأنبياء / ( 23 ) ـ باب : قول الله تعالى " وهل أتاك حديث موسى " " وكلم الله موسى تكليمًا / حديث رقم : 3397 / ص : 401 .
*قـال البخـاري فـي صحيحـه : حدثنـا المَكِّـيُّ ابـنُ إبراهيـمَ ، قـال : حدثنـا يَزيـدُ بـنُ أبـي عُبيـدٍ ، عـن سـلمة بـن الأكْـوعِ ـ رضي الله عنه ـ قـال : أمـرَ النبـيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجُـلاً مِـن أسـلمَ " أن أذّن فـي النـاس أنَّ مَـن كـان أكـلَ فليصُـم بقِيَّـة يومـهِ وَمَـن لم يكـن أكـل فليصُـم فإنَّ اليَـومَ يـومُ عاشـوراءَ " 
صحيح البخاري / ( 30 ) ـ كتاب : الصوم / ( 69 ) ـ باب : صيام يوم عاشوراء / شرح حديث رقم : 2007 / ص : 225 .
واسـتُدِل بهـذا الحديـث علـى أن صيـام عاشـوراء كـان مفترضًـا قبـل أن ينـزل فـرض رمضـان ثـم نسـخ .

نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء إلى الاستحباب
مع ثبوت الأجر الوفير لمن يصومه
*قـال الإمـام مسـلم فـي صحيحـه : حدثنـا قُتِيبَـةُ بـنُ سـعيدٍ ومحمـدُ بـنُ رُمـحٍ جَميعًـا ، عـن اللَّيـثِ ابـنِ سـعدٍ ، قـال : قـال ابـنُ رُمـحٍ ، قـال : أخبرنـا الليـثُ ، عـن يزيـدَ بـنِ أبـي حبيـبٍ ، أنَّ عِراكًـا أخْبَـرهُ ، أنَّ عُـروَةَ أخبَـرَهُ أنَّ عائشـةَ أخبرَتْـهُ أنَّ قُرَيشًـا كانـت تصُـومُ عاشـوراءَ فـي الجاهليَّـةِ ثُـمَّ أمـرَ رسُـولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بصيامـهِ حتَّـى فُـرِضَ رمضـانُ فقـال : رسـولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ " مَـنْ شـاء فليصٌمـهُ ومَـن شـاء فليُفطِـرْهُ " .
صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 19 ) ـ باب : صوم يوم عاشوراء / حديث رقم : 116 ـ ( 1125 ) / ص : 270 .
* "دخل الأشعثُ بنُ قَيسٍ على عبدِاللهِ . وهو يتغدَّى . فقال : يا أبا محمدٍ ! ادْنُ إلى الغداء . فقال : أوليس اليومُ يومَ عاشوراءَ ؟ قال وهل تدري ما يومُ عاشوراءَ . قال : وما هو ؟ قال : إنما هو يومٌ كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ  وسلَّمَ يصومُه قبل أن ينزلَ شهرُ رمضانَ . فلما نزل شهرُ رمضانَ ترك . وقال أبو كُريبٍ : تركه . وفي روايةٍ : فلما نزل رمضانُ تركَه" .الراوي : عبدالله بن مسعود - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 1127 - خلاصة حكم المحدث : صحيح .

الشرح صومُ عاشوراءَ هو أوَّلُ صِيامٍ صامَه المسلمونَ، وكان صومُه فَرضًا قبْلَ أنْ يُفرضَ رمضانُ، وقد ثبَتَ عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فضْلُ صيامِه، وفي هذا الحديثِ يُؤكِّدُ ابنُ مسعودٍ رضِي اللهُ عنه أنَّ صومَ عاشوراءَ لم يَعُدْ واجبًا بعدَ نُزولِ صومِ رمضانَ، فإنَّ الأشعثَ بنَ قيسٍ رضِي اللهُ عنه دخَلَ على عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضِي اللهُ عنه وهو يأكلُ في يومِ عاشوراءَ، فقال له الأشعثُ مُنبِّهًا له «اليومُ عاشوراءُ»، أي: كيف تأكلُ في هذا اليومِ؟ فأخبره ابنُ مسعودٍ رضِي اللهُ عنه بأنَّ عاشوراءَ كان فَرْضُ صيامِه قبْلَ نزولِ صومِ رمضانَ، فلمَّا نزَلَ رمضانُ باتَ سُنَّةً وتُرِكَ العملُ بأنَّه فرْضٌ، وقولُ ابنِ مسعودٍ رضِي اللهُ عنه له: «اُدْنُ فكُلْ»، أي: اقتربْ فكُلْ، ولا يُفهمُ منه أنَّ الصَّومَ ليس مستحبًّا، وإنَّما دعاه لِلأكلِ؛ لأنَّه عَلِم منه أنَّه كان يَظنُّ أنَّ صيامَه واجبٌ، فأراد أنْ يُؤكِّدَ له عدمَ وجوبِه، فدَعاه لِلأكلِ بعدَ أنْ ذكَرَ له أنَّ فرضِيَّتَه نُسخَتْ بنزولِ صومِ رمضانَ.الدرر السنية.ورغـم تحـول الحكـم مـن الوجـوب إلـى الاسـتحباب رغـم ذلـك كـان صلـى الله عليـه وسـلم يحـرص كـل الحـرص علـى تحـري صيامـه ابتغـاءً للأجـر الوفيـر - يكفـر السـنة الماضيـة - .
*قـال الإمـام مسـلم فـي صحيحـه : 
حدثنـا أبـو بكـر بـنُ أبـي شـيبة وعَمـرو الناقـدُ جميعًـا ، عـن        سُفيـانَ ، قـال : قـال أبـو بكـرٍ حدثنـا ابـنُ عُيَيْنَـة ، عـن عُبيـدِ اللهِ بـنِ أبـي يَزيد سمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ ـ رضي الله عنهما ـ وسُئِلَ عَـن صِيَامِ يوم عاشُوراءَ فقال : ما عَلِمتُ أنَّ رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ صام يومًا يَطلُبُ فضلَهُ على الأيَّـامِ إلاَّ هذا اليَوْمَ ، ولا شَهرًا إلاَّ هذا الشَّهرَ يَعْنِي رَمَضَانَ صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 19 ) ـ باب : صوم يوم عاشوراء / حديث رقم : 131 ـ ( 1132 ) / ص : 271 
فلنغتم هذا الشهر الفضيل وخاصة دُرته المكنونة ، 
".....وسُئلَ عن صومِ يومِ عرفةَ ؟ فقال " يُكفِّرُ السنةَ الماضيةَ والباقيةَ " قال : وسُئلَ عن صومِ يومِ عاشوراءَ ؟ فقال " يُكفِّرُ السنةَ الماضيةَ "الراوي : أبو قتادة الأنصاري - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 1162 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.

وعلـى المسـلم أن لا يغتر ولا يتكـل علـى صيـام هـذا اليـوم علـى أنـه يُكَفِّـرَ السَّـنة الَّتـي قبْلَـهُ مـع مقارفتـه للكبائـر، إذ الواجـب التوبـة مـن جميـع الذنـوب كبيرهـا وصغيرهـا ثـم يرجـو أن يُكَفِّـرَ صـوم هـذا اليـوم السَّـنَة الَّتـي قبلـهُ .قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ " وكاغترار بعضهم على صوم يوم عاشوراء أو يوم عرفة حتى يقول بعضهم : يوم عاشوراء يكفر ذنوب العام كلها ويبقى صوم عرفة زيادة في الأجر ولم يـدرِ هـذا المغتـر أن صــوم رمضـان والصلـوات الخمـس أعظـم وأجـل مـن صيـام يـوم عرفـة ويـوم عاشـوراء وهـي إنمـا تكفــر مـا بينهمـا إذا اجتنبـت الكبائـر فرمضـان والجمعـة إلـى الجمعـة لا يقويا على تكفير الصغائر إلا مع انضمام ترك الكبائر إليها فيقوى مجموع الأمرين على تكفير الصغائر ، فكيف يكفر صوم تطوع كل كبيرة عملها العبد وهو مُصر عليها غير تائب منها ، هذا مُحال علـى أنـه لا يمتنـع أن يكـون صـوم يـوم عرفـة ويـوم عاشـوراء يكفـر لجميـع ذنـوب العـام علـى عمومـه ويكـون مـن نصـوص الوعــد التـي لهـا شـروط وموانـع ويكـون إصـراره علـى الكبائـر مانعًـا مـن التكفيــر ،   فـإذا لـم يصـر علـى الكبائـر يسـاعد الصـوم وعـدم الإصـرار وتعاونًـا علـى عمـوم التكفيـر كمـا كـان رمضـان والصلـوات الخمـس مـع اجتنـاب الكبائـر متسـاعدَين متعاونيـن علـى تكفيــر الصغائــر ، مـع أنـه سـبحانه قـد قـال "{ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ " فاعلـم أن جعل الشيء سببًا للتكفير لا يمنع أن يتساعد هو وسبب آخر على التكفير ويكون التكفير مـع اجتماع السببين أقوى وأتم منه مع انفراد أحدهما وكلما قويت أسباب التكفير كان أقوى وأتم وأشمل " 
ا . هـ . الجواب الكافي / 13 . 
فمـن فضـل الله علينـا أن أعطانـا بصيـام يـوم واحـد تكفيـر ذنـوب سـنة كاملـة ، فهـو سـبحانه ذو الفضـل العظيـم . فلكـي ننتفـع بهـذه النفحـات سـواء فـي عاشـوراء أو أي فضـل لله لابـد مـن التخليـة قبـل التحليـة أي نخلـي بيننـا وبيـن المعاصـي ونحـن فـي حـال رجـاء رحمـة الله وعفـوه وفضلـه . 

اللهـم ارزقنـا يقظـة مـن رقـدات الغفلـة ، وارزقنـا الاسـتعداد قبـل النقلـة ، وألهمنـا اغتنـام الزمـان وقـت المهلـة ، ووفقنـا لفعـل الخيـرات ، وتـرك المنكـرات والفـوز بالرحمـات .

قـال الإمـام مسـلم فـي صحيحـه :
حدثنـي قتيبـة بـن سـعيد ٍ ، قـال : حدثنـا أبـو عَوَانَـة ، عـن أبـي بِشْـرٍ ، عـن حُميـد بـن عبـد الرحمـن الحِمْيَـريِّ ، عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسُـولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
"أفضـلُ الصيـام بعـدَ رمضـانَ شَـهرُ اللهِ المحَـرَّمُ وأفضَـلُ الصـلاةِ بعـدَ الفريضـةِ صـلاةُ الليـلِ " 

صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 38 ) ـ باب : فضل صوم المحرم / حديث رقم : 202 ـ ( 1163 ) / ص : 280 .

"...... وسُئلَ عن صومِ يومِ عاشوراءَ ؟ فقال "يُكفِّرُ السنةَ الماضيةَ"الراوي : أبو قتادة الأنصاري - المحدث : مسلم المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 1162 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.



هـل من السنة التوسعة على النفس
والأهل يوم عاشوراء ؟
اشتهر ذلك بين كثير من الناس استنادًا على الحديث الضعيف الآتي : ×عـن جابـر بـن عبـد الله ـ رضي الله عنه ـ : أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : مـن وسـع علـى نفسـه وأهلـه يـوم عاشـوراء وسـعَ الله عليـه سـائر سـنته " .
رواه البيهقي في الشعب وابن عبد البر ..... × وقال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ لم يصح . 
*
سُـئل شـيخُ الإسـلام ابـن تيميـة ـ رحمه الله ـ عما يفعَلَهُ الناسُ في يوم عاشوراء مِن الكُحْلِ ، والاغْتِسَالِ ، والحِنَّاءِ والمُصَافَحَةِ ، وطَبْخِ الحُبُوبِ وإظْهار السُّرور ، وغير ذلك ؛ هل لذلك أصلٌ ؟ أم لا ؟ 
قال: 
الحمد لله ربِّ العالمينَ ، لـم يـرد فـي شـيءٍ مِـن ذلـك حديـثٌ صحيـح عـن النبـي ـ صلى الله عليه وسلم   ـ ولا عـن أصحابـهِ ، ولا اسْـتَحَبَّ ذلـك أحـدٌ مِـن أئِمَّـةِ المُسْـلِمِينَ لا الأئِمَّـةِ الأربعـةِ ولا غيرهـم ، ولا رَوَى أهـلُ الكُتُـبِ المُعْتَمَـدَةِ فـي ذلـك شـيئًا ....ا.هـ

فالحـزن يـوم عاشـوراء مظهر من مظاهر حزن الشيعة.
الشيعة هم الذين يقولون بإمامة علي بن أبي طالب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إذ أنهم في هذا اليوم يعذبون أنفسهم بشتى أنواع العذاب حزنًا على الحسين - يعذبون بالقيود وضرب أنفسهم بسلاسل من حديد حتى تسيل منهم الدماء ، ويعزون بعضهم ويلبسون الحداد .
والفـرح يـوم عاشـوراء مظهر من مظاهر كيد النواصب ؛ أعداء الحسين،فيعملون الحلوى فرحًا بمقتلهِ .
النواصـب : الذين ناصبوا عليًا العداء .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله " النواصب ، هم الذين ينصبون العداء لآل البيت ، ويقدحون فيهم ، ويسبونهم ، فهم على النقيض من الروافض " شرح الواسطية 2 / 283 هنا



فالنواصب هم الذين عادوا أهل البيت ، لاسيما عليّاً رضي الله عنه فمنهم من يسبُّه ومنهم من يفسِّقه ومنهم من يكفره ،كما أشار لذلك شيخ الإسلام- منهاج السنة7/339-.
ومن أشهر الطوائف التي تبنت منهج النصب الخوارج الذين خرجوا على عليٍّ رضي الله عنه وكفروه ، وجمعوا إلى ذلك بدعا أخرى .هنا .
فهذا اليوم ليس بيوم عيد يُستقبل بمظاهر الفرحة تُلبس فيـه أفخر  الملابس ، وتُصنع فيه أشهى الأطعمة والحلوى - البليلـة المسـماة بالعاشوراء ؛ في بعض البلدان- وتُظْهَر فيه الزينة والسرور كما يفعل النواصبُ . 
وفي المقابل هو ليس بيوم مأتم ولا ندب ولا نياحة كما يفعل الشيعة حزنًا مُدَّعًا لمقتلِ الحسين ؛ الذي صادف وقوعُه في عاشوراء ، وهو عليه السلام منهم بـراء .
هذا يوم يذكرنا بأن الخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداعفقد فُرد بالصيام ، فلا يجوز إفراده بقيام ولا غيره من العبادات لأنه مما لم يثبت 
والأصل في العبادات التوقف حتى يرد الدليل الصحيح . 
نسأل الله أن يلهمنا وإياكم اتباع كتابه وسنة نبيه صلَّى الله عليه وسلَّم ،وأن يجيرنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن .


صيــام التاسع مع العاشر
*قـال الإمام مسـلم فـي صحيحـه :
وحدثنـا الحسـنُ بـنُ علـيٍّ الحُلوانِـيُّ ، قـال : حدثنـا ابن أبـي مريـم ، قـال : حدثنـا يحيَـى بـن أيـوبَ ، قـال : حدثنـي إسـماعيلُ بـن أميَّـةَ أنـه سـمع أبـا غَطَفـانَ بـن طريـفٍ المُـرِّيَّ يقـول : سـمعتُ عبـد الله بـن عبـاس ـ رضي الله عنهماـ يقـولا حيـن صـام رسـولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يـوم عاشـوراء وأمـر بصيامـهِ ، قالـوا : يـا رسـولَ اللهِ إنـه يـومٌ تُعظِّمُـهُ اليهـود والنصـارى . فقـال رسـولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " فـإذا كـان العـام المقبـلُ إن شـاء اللهُ صمنـا اليـومَ التاسـعَ " . قـال فلـم يـأتِ العـامُ المقبـلُ حتـى تُوفِّـي رسـولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ .


صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 20 ) ـ باب : أي يوم يصام في عاشوراء / حديث رقم : 133 ـ ( 1134 ) / ص : 272 .
الحكمــة مـن صيــام التاسـع :
لصيـام التاسـع مـع العاشـر حكمتـان :
الأولـى : مخالفـة اليهـود والنصـارى فهـم يخصـون عاشـوراء بالصيـام ، وهـذا المعنـى مـروي عـن ابـن
عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ كمـا سـبق .
صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 20 ) ـ باب : أي يوم يصام في عاشوراء / حديث رقم : 133 ـ ( 1134 ) / ص : 272 .

الثانيـة : الاحتيـاط فـي صـوم العاشـر خشـية نقـص الهـلال ، ووقـوع غلـط فيكـون التاسـع فـي العـدد هـو العاشـر فـي نفـس الأمـر ، وهـذا المعنـى نقلـه النـووي فـي المجمـوع عـن جماعـة مـن الشـافعية وغيرهـم ، ولعلهـم يسـتدلون على ذلـك بما أخـرج الطبرانـي ـ رحمه الله ـ في المعجـم الكبيـر ( 3 / 99 / 2 ) بسـند صحيـح عـن ابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ أنـه قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إن عشـت إن شـاء الله إلـى قابـل صمـت التاسـع ؛ مخافـة أن يفوتنـي يـوم عاشـوراء " .
وصححـه الشـيخ الألبانـي في : سـلسـلة الأحاديـث الصحيحـة / ج : 1 القسـم الثانـي / تحـت حديـث رقـم : 350 / ص : 686 ،
فهذا الحديث صريح في أنه صلى الله عليه وسلم ، هَمَّ بصوم التاسع خشية فوات العاشر .
بطلان قصة الحمامتين والعنكبوت على الغار

....وأمـر الله حمامتيـن وحشـيتين فأقبلتـا تدفـان ، وفـي نسـخة : ترفـان ، حتـى وقعـا بيـن العنكبـوت وبيـن الشـجرة ... إلخ القصـة . 
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية - 3 / 182 هذا حديث غريب جدًا . وذكره الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة 3 / 1128 .
ولملزيد هنا
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ 
أود أن أنبـه علـى أنـه يوجـد فـي بعـض الكتـب أن العنكبوت ضربـت علـى باب الغار نسيجًا من العش ، وهذا لا صحة له ، ليس هناك نسيج من العنكبوت وليس هناك حمامة على شجرة على باب الغار ، إنمـا هـي حمايـة الله ولهـذا قـال أبـو بكـر ـ رضي الله عنه ـلـو نظـر أحدهـم إلـى قدمـه لأبصرنـا -. ولكـن الله أعمـى أبصارهـم فلـم يـروا أحـدًا فـي هـذا الغـار وانصرفـوا عنـه . 

اللقاء المفتوح للشيخ العثيمين / ج : 1 / ص : 457 . 

قال الشيخ العثيمين في شرح رياض الصالحين:

فالحاصـل أن مـا يذكـر فـي كتـب التاريـخ فـي هـذا لا صحـة لـه ، بـل الحـق الـذي لا شـك فيـه ، أن الله تعالـى أعمـى أعيـن المشـركين عـن رؤيـة النبـي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصاحبـه ـ رضي الله عنه ـ فـي الغـار . والله الموفـق . 

رياض الصالحين / شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين / المجلد الأول / 7 ـ باب : اليقين والتوكل .

ولمزيد تفصيل يرجع للملزمة