عداد الزوار

الأحد، 28 يونيو 2015

هل تدخل مداواة المرضى في الصدقة الجارية

هل تدخل مداواة المرضى وعمل الجراحات في باب الجاري من الصدقات ؟
الجواب : باسم الله. الصدقة الجارية يُقصدُ بها ما يجري نفعها ويدوم ولا ينقطع زمنًا طويلًا، وبالتالي يجري أجرُها كذلك كثيرًا طويلا، ما بقي الشيء المُتصَدَّق به صالحًا نافعًا للناس. وفي الحديث: «إذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثِ أَشْيَاءَ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»(مسلم، صحيح مسلم، رقم:[ 1631]).
ويكون في حياة المرء وبعد مماته بوصيته أو مِن آخرَ يوقفها له، وأفضله ما كان في حياته مِن كسبه وبقي بعد مماته، كمن بنى مسجدًا أو شارك في بنائه لقول صلى الله عليه وسلم: «من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة» (الألباني،صحيح الترغيب، رقم:[267]).
أمَّا معالجة المرضى كالعمليات الجراحية أو شراء دواء لهم، فالأصل أنها ليست من الصدقات الجارية، لأنها ليست مستمرة ولا دائمة، إلا إذا كان نفع ذلك الشخص جاريًا، كأن يكون عالمًا، وعلاجه يكون سببًا في كونه يستطيع أن ينشر العلم ويزكي الأمة مثلا، فهذا أجر الصدقة يجري ما جرى أثرها، لكن لا تُسمَّى جارية.
ولكن هاهنا أمرٌ ينبغي أن يُتَفَطَّن له، ألا وهو قيمة وعِظَم المصلحة المجلوبة بهذه الصدقة، وعِظم المفسدة المدفوعة بها، فقد تكون صدقة غير جارية وتكون أكثر أجرًا من صدقة جارية.. ألا ترى إن كانت صدقتك سببًا في إنقاذ حياة نفس مسلمة، فضع معها قول الله تعالى: { مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}[النساء:32]. فما هي الصدقة الجارية التي يعدل أجرها ثواب إحياء الناس جميعًا؟ وقد تكون صدقة لتجهيز غازٍ في سبيل الله لدفع صائل، ليست جارية، ولكنها أولى من عمارة مسجد، كما قال تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}[التوبة:19- 20].
أضِف إلى ذلك أن من المعاملات بين المسلمين ما يجري مجرى الحقوق والواجبات، وربما يصل إلى فروض الكفايات، فوضع الصدقة في حق أو واجب أو فرض كفاية أولى وآجر من وضعه فيما هو دون ذلك حاجة وضرورة.
المقصود: أن الإنسان ينظر للأكثر نفعًا وأثرًا ولو لم يكن جاريًا، كما ذكرنا في التمثيل، وعلى المسلم أن يعرف أيها أنفع وأكثر أثرًا.
والله أعلم

منقول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق