عداد الزوار

الأحد، 29 ديسمبر 2019

01- سرد تاريخي للسيرة النبوية


سرد تاريخي للسيرة النبوية

تاريخ مولده صلى الله عليه وسلم
اختلفَ أهلُ السِّيَر والتَّاريخِ في تحديدِ يومِ وشهرِ وِلادتِه صلى الله عليه وسلم واتَّفقوا على أنَّ مِيلادَه صلى الله عليه وسلم كان يومَ الاثنينِ من عامِ الفيلِ.
قال ابنُ القيِّم "لا خِلافَ أنَّه وُلِدَ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّم بجَوفِ مكَّة، وأنَّ مَولِدَه كان عامَ الفيلِ". عنِ ابنِ عبَّاس رضِي الله عنهُما أنَّه قال" وُلِدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عامَ الفيلِ" وهو الَّذي لا يَشكُّ فيه أحدٌ من العلماءِ. ونقل خليفةُ بنُ خيَّاط وابنُ الجزَّار وابنُ دِحيةَ وابنُ الجوزيِّ فيه الإجماعَ. وأمَّا مولدُه يومَ الاثنينِ، فعن أبي قَتادةَ الأنصاريِّ رضي الله عنه قال " سُئل صلى الله عليه وسلم  عن صومِ يومِ الاثنينِ؟ قال "ذاكَ يومٌ وُلدتُ فيهِ، ويومٌ بُعثتُ أو أُنزلَ عليَّ فيهِ".
قال ابنُ كَثيرٍ "وأبعدَ بل أخطأَ مَن قال: وُلِدَ يومَ الجُمعةِ لِسبعَ عشرةَ خلتْ من ربيعٍ الأوَّلِ". أمَّا موضعُ الخِلافِ فقد كان في تحديدِ الشَّهرِ واليومِ منه،  رَوى ابنُ إسحاقَ عن نَفَرٍ من أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قالوا له: يا رسولَ الله، أخبرنا عن نَفسِك. قال:

"إنِّي عندَ اللهِ مكتوبٌ خاتمُ النَّبييِّنَ ، وإنَّ آدمَ لمنجَدلٌ في طينتِه ، وسأخبرُكم بأوَّلِ أمري : دَعوةُ إبراهيمَ ، وبِشارةُ عيسَى ، ورؤيا أمِّي الَّتي رأَت - حين وضعَتني - وقد خرج لها نورٌ أضاءَت لها منه قصورُ الشَّامِ .الراوي : العرباض بن سارية - المحدث : الألباني - المصدر : تخريج مشكاة المصابيح-الصفحة أو الرقم: 5691 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر. .
وإنَّ آدمَ لمنجَدلٌ في طينتِه :أي بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ.
وكانت وِلادتُه صلى الله عليه وسلم بعدَ وفاةِ والدِه عبدِ الله، حيث كان حَمْلًا في بطنِ أمِّه حين تُوفِّي والدُه، فنشأ صلى الله عليه وسلم يتيمًا. وكانت وِلادتُه في دارِ أبي طالبٍ بِشِعبِ بني هاشمٍ.

الموسوعة التاريخية- هنا

______________ 

حادِثةُ شَقِّ صدرِ النَّبيِّ صلَّى الله عَليهِ وسلَّم .

"أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أتاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وهو يَلْعَبُ مع الغِلْمانِ، فأخَذَهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عن قَلْبِهِ، فاسْتَخْرَجَ القَلْبَ، فاسْتَخْرَجَ منه عَلَقَةً، فقالَ: هذا حَظُّ الشَّيْطانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ في طَسْتٍ مِن ذَهَبٍ بماءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لأَمَهُ، ثُمَّ أعادَهُ في مَكانِهِ، وجاءَ الغِلْمانُ يَسْعَوْنَ إلى أُمِّهِ، يَعْنِي ظِئْرَهُ، فقالوا: إنَّ مُحَمَّدًا قدْ قُتِلَ، فاسْتَقْبَلُوهُ وهو مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ، قالَ أنَسٌ: وقدْ كُنْتُ أرَى أثَرَ ذلكَ المِخْيَطِ في صَدْرِهِ.الراوي : أنس بن مالك - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 162 - خلاصة حكم المحدث : صحيح . الموسوعة التاريخية- هنا -

______________ 

وفاة أم النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له صلَّى اللهُ عليه وسلَّم .

لمَّا بَلَغَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سِتَّ سنينَ، خرجَتْ به أُمُّه السيِّدةُ آمنةُ بنتُ وهبٍ إلى أخوالِه بني عَديِّ بن النَّجَّار تَزورُهم به، ومعه حاضِنَتُه أمُّ أيمنَ رَضي اللهُ عنها، وهم على بَعيرَين، فنَزَلَت به أُمُّه في دارِ النابغةِ عند قبرِ أبيه عبدِ الله بن عبدِ المُطَّلِب، فأقامَت به عند أخوالِه شهرًا، ثم رَجَعَت به أُمُّه إلى مكةَ، فلمَّا كانوا بالأبواءِ توُفِّيَت أُمُّه آمِنةُ بنتُ وهبٍ، ورَجَعَت به أُمُّ أيمنَ رَضي اللهُ عنها -واسمُها: بَرَكةُ بِنتُ ثَعلَبةَ بنِ حِصنٍ-، وكانت أمُّ أيمنَ رَضي اللهُ عنها تحبُّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حُبًّا شديدًا وتَعتني به غايةَ الاعتِناءِ، وتَحوطُه برِعايَتِها وشَفقَتِها، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَبَرُّها ويُحسِنُ إليها، ولمَّا كَبِرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أعتَقَها، ثم أنكَحَها زيدَ بنَ حارِثةَ رَضي اللهُ عنه الذي أنجَبَت منه أُسامةَ بنَ زيدٍ رَضي اللهُ عنهما، وقد توُفِّيَت أمُّ أيمنَ رَضي اللهُ عنها بعدما توفِّي رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بخَمسةِ أشهُرٍ. 


الموسوعة التاريخية- هنا -

فائدة:أمُّ أيمنَ هي مولاةُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وحاضنتُه، ونُسِب ابنُها أيمنُ إليها دون أبيه؛ لشرَفِها على أبيه وشُهرتِها عند أهلِ البيتِ النَّبويِّ. الدرر السنية

______________  


كفالة عبد المطلب رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم

ومعرفته بشأنه .

 لمَّا تُوفِّيتِ السيِّدةُ آمنةُ والدةُ الرسول عليه الصلاة والسلام وعُمُرُه ستُّ سنواتٍ، صارت كَفالَتُه إلى جدِّه عبدِ المطلب بن هاشِمٍ، وكان عبدُ المطلب ذا شَرفٍ في قومِه وفَضلٍ، وكانت قُريشٌ تُسمِّيه الفضلَ؛ لسَماحتِه وفضلِه، وتولَّى أمْرَ الرِّفادةِ والسِّقايةِ بعد موتِ أبيه هاشمِ بن عبد مَنافٍ. وكان عبدُ المطلب يُحِبُّ حفيدَه مُحمَّدًا حبًّا عظيمًا، ويُقدِّمُه على سائِرِ بنيه، ويَرِقُّ عليه أكثَرَ مِن رِقَّتِه على أولادِهِ، قال ابنُ إسحاقَ‏ رحمه الله‏ "وكان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع جدِّه عبد المطلب بن هاشم -يعني: بعدَ موتِ أُمِّه آمنةَ بنتِ وَهبٍ-؛ فكان يُوضَعُ لعبد المطلب فِراشٌ في ظلِّ الكعبة، وكان بَنوه يَجلِسون حول فِراشِه ذلك حتى يَخرُج إليه، لا يَجلِسُ عليه أحدٌ مِن بنيه إجلالًا له؛‏ فكان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأتي وهو غُلامٌ جَفْرٌ -أي: ممُتلئٌ قويٌّ- حتى يَجلِسَ عليه؛ فيأخذُه أعمامُه ليؤخِّروه عنه؛ فيقول عبدُ المطلب إذا رَأى ذلك منهم‏:‏ دَعوا ابني؛ فوالله إنَّ له لَشأنًا، ثم يُجلِسُه معه على فِراشِه، ويَمسَحُ ظهرَه بيدِه، ويَسُرُّه ما يراه يَصنَعُ‏". وكان عبدُ المطلب لا يَأكلُ طَعامًا إلَّا يقولُ‏:‏ "عَلَيَّ بابني!" فيُؤتَى به إليه‏.‏ ولمَّا حَضَرت عبدَ المطلب الوفاةُ أوصى أبا طالبٍ بحِفظِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وحياطَتِه.

الموسوعة التاريخية- هنا -

فائدة:
السِّقايةِ: أي:سِقايةَ الحجيجِ.
السِّقايةِ:هي موضع يتخذ لسقي الناس، وذلك أن أهل مكة في موسم الحج يملأون حياضًا من الماء يحلونها بالتمر والزبيب.
الرِّفادة : هي طعام كان يصنع للحجاج على طريقة الضيافة.

______________

وفاة عبد المطلب ووصيته لأبي طالب برسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم .

لمَّا بَلَغَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثَمانيَ سنواتٍ توُفِّي جدُّه عبد المطلب. وكان عبدُ المُطَّلِب لمَّا حَضَرته الوفاةُ أوصى ابنَه أبا طالبٍ بحِفظِ رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وحياطَتِه، والقيامِ عَليهِ، وأوصَى به إلى أبي طالِبٍ؛ لأنَّ عبدَ الله -والِدَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وأبا طالبٍ كانا لأُمٍّ واحدةٍ، فلمَّا مات عبدُ المطلب كان أبو طالِبٍ هو الذي يَلي أمْرَ رسولِ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعد جدِّه. ورَوَى ابنُ سعدٍ، وابنُ عساكِرَ عن ابن عبَّاسٍ رَضي اللهُ عنهما، وغَيرِه، قالوا: لمَّا توُفِّيَ عبدُ المطلب قَبَضَ أبو طالبٍ رسولَ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكان يكونُ معه، وكان يُحِبُّه حبًّا شديدًا لا يُحِبُّ وَلَدَه مِثله، وكان لا يَنامُ إلَّا إلى جَنبِه، وكان يَخُصُّه بالطَّعامِ، وكان عيالُ أبي طالِبٍ إذا أكلوا جميعًا أو فُرادَى لم يَشبَعوا، وإذا أكَل معهم رسولُ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شَبِعوا. وكان أبو طالِبٍ إذا أراد أن يُغدِّيَهم أو يُعشِّيَهم يقول: كما أنتُم حتى يَحضُرَ ابني. فيَأتي رسولُ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيأكُلُ معهم فيُفضِلون من طَعامِهم، وإن لم يَكُن معهم لم يُشبِعْهم، وإن كان لَبنًا شَرِبَ هو أوَّلَهم ثم يتناوَلُ العيالُ القَعْبَ -إناءٌ ضخمٌ كالقَصْعةِ- فيَشرَبون منه فيُروَون عن آخِرِهم من القَعبِ الواحِدِ، وإن كان أحدُهم لَيَشرَبُ قَعبًا وَحدَه، فيقول أبو طالبٍ: "إنَّكَ لَمُبارَكٌ!".

الموسوعة التاريخية- هنا -

______________ 

 سفر النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع عمه أبي طالب إلى الشام .

لمَّا تمَّ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من العُمُرِ اثنَتا عَشْرةَ سنةً، سافر عمُّه أبو طالِبٍ إلى الشَّامِ في رَكبٍ للتِّجارةِ، فأخَذهُ معه. ولمَّا نزلَ الرَّكبُ- بُصرَى- مرّوا على راهِبٍ هناك يُقال له "بَحيرَا"، وكان عليمًا بالإنجيلِ، خبيرًا بالنَّصرانيَّةِ، وهناك أبصرَ بَحيرَا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فجَعَلَ يتأمَّلُه ويُكلِّمُه، ثم الْتَفَتَ إلى أبي طالبٍ فقال له: ما هذا الغُلامُ مِنكَ؟ فقال: ابني- وكان أبو طالِبٍ يَدعوه بابنِه؛ لشدَّةِ محبَّتِه له وشَفَقَتِه عليه-. فقال له بَحيرَا: ما هو بِابنِك، وما ينبغي أن يكونَ أبو هذا الغُلامِ حيًّا. فقال: هو ابنُ أخي. قال: فما فَعَل أبوه؟ قال: مات وأُمُّه حُبلَى به. قال بَحيرَا: صدقتَ. فارجِعْ به إلى بلدِه واحذَرْ عليه يهودَ؛ فوالله لئنْ رأوْهُ هنا لَيَبْغُنَّهُ شرًّا؛ فإنَّه كائنٌ لابنِ أخيك هذا شأنٌ عظيمٌ. فأسرَع به أبو طالبٍ عائدًا إلى مكَّةَ.
وروَى التِّرمذيُّ:
"أنَّ أبا طالبٍ خرج إلى الشَّامِ، وخَرَج معه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أشياخٍ من قُرَيشٍ؛ فلمَّا أشرَفوا -اقتَرَبوا- على الرَّاهِب -يَعني: بَحيرَا- هَبَطوا فحَلُّوا رِحالَهم؛ فخَرَج إليهمُ الراهبُ، وكانوا قبل ذلك يَمرُّون به فلا يخرُجُ إليهم ولا يَلتفِتُ إليهم، قال: وهم يَحُلُّون رِحالَهم؛ فجَعَل يَتخلَّلُهمُ الرَّاهبُ حتى جاء فأخَذ بيَدِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: هذا سيِّدُ العالَمين، هذا رسولُ ربِّ العالَمين، يبعَثُه اللهُ رحمةً للعالَمين، فقال له أشياخٌ من قُريشٍ: ما عِلمُك؟ قال: إنَّكم حين أشرفتُم من العقبةِ لم يبقَ شجرٌ ولا حجرٌ إلا خرَّ ساجدًا، ولا يَسجُدانِ إلا لنبيٍّ، وإنِّي أعرِفُه بخاتَمِ النبوَّةِ أسفلَ من غُضروفِ كَتِفِه مثلِ التُّفَّاحةِ، ثم رَجَع فصَنَع لهم طعامًا، فلمَّا أتاهم به، وكان هو -أي: الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في رِعيةِ الإبلِ، قال: أرسِلوا إليه. فأقبَلَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعليه غَمامةٌ تُظِلُّه، فلما دنا من القَومِ، وَجَدَهم قد سَبَقوه إلى فيءِ -ظلِّ- الشَّجرةِ، فلمَّا جلس رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مالَ فَيءُ الشجرةِ عليه، فقال بَحيرَا: انظُروا إلى فَيءِ الشجرةِ مالَ عليه! قال: فبينما هو قائمٌ عليهم، وهو يُناشِدُهم ألَّا يَذهَبوا به إلى الرُّومِ؛ فإنَّ الرُّومَ إن رأوه عَرَفوه بالصِّفةِ فيقتُلونَه، فالْتفَتَ فإذا بسَبعةٍ قد أقبلوا من الرُّومِ فاستَقبَلَهم، فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: جِئنا أنَّ هذا النبيَّ خارِجٌ في هذا الشَّهرِ، فلم يبقَ طريقٌ إلَّا بُعِثَ إليه بأُناسٍ، وإنَّا قد أُخبِرنا خَبَرَه، فبُعِثنا إلى طريقِك هذا، فقال: هل خَلَفَكم أحدٌ هو خيرٌ منكم؟ قالوا: إنَّما أُخبِرنا خَبَرَه إلى طريقِكَ هذا. قال: أفَرَأيتم أمرًا أراد اللهُ أن يقضيَه، هل يستطيع أحدٌ من الناس ردَّه؟ قالوا: لا، قال: فبايَعوه، وأقاموا معه عنده. قال: فقال الرَّاهبُ بَحيرَا: أنشُدكم اللهَ أيُّكم وَليُّه؟ قال أبو طالب: فلم يزَل يُناشِدُه حتى ردَّه أبو طالِبٍ".الراوي : أبو موسى الأشعري - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي.
الموسوعة التاريخية- هنا - 
______________ 

زَواجُ النَّبيِّ صلَّى الله عَليهِ وسلَّم من خَديجةَ بنتِ خُويلدٍ رضِي الله عنها .

تشير روايات السيرة النبوية إلى أن خديجة بنت خويلد رضي الله عنها كانت امرأة حازمة وذكية ، وكانت كذلك غنية ، ولها تجارات متعددة ، وكان رجال قومها يحرصون على الزواج منها ، ولم تكن تعمل في التجارة بنفسها ، وإنما كانت تستأجر رجالًا يعملون لها في مالها .
ووصل إلى خديجة رضي الله عنها خبر الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم وسمعت من أخبار صدقه وأمانته الكثير ، فرغبت في أن تستأجره ليعمل لها في تجارتها ، فأرسلت له من يعرض عليه الأمر ، فوافق النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك .
وخرج النبي صلى الله عليه وسلم متاجرا بمال خديجة رضي الله عنها وكان معه غلام لخديجة يدعى : ميسرة ، وقد رأى ميسرة من الآيات التي حصلت للنبي صلى الله عليه وسلم في رحلته ما بهره ، وجعله يخبر سيدته خديجة بكل ما رآه .
فمن ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قدم مدينة بصرى بالشام نزل في ظل شجرة ، فقال أحد الرهبان لميسرة : ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي ، وكان ميسرة يرى ملكين يظلان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتدت حرارة الشمس .
ورجع النبي صلى الله عليه وسلم من رحلته تلك ، وقد ربحت تجارة خديجة أضعاف ما كانت تربح من قبل ، فأعجبت خديجة رضي الله عنها بشخص النبي صلى الله عليه وسلم ورغبت في الزواج منه ، فأرسلت صديقتها نفيسة بنت منية تعرض على النبي صلى الله عليه وسلم الأمر ، فوافق صلى الله عليه وسلم على ذلك ، وتولى أمر زواج خديجة رضي الله عنها أبوها خويلد ، في أصح الروايات كما ذكر أصحاب السير .
ومما سبق يعلم أنه لم تكن هناك علاقة تخدش الحياء بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين خديجة رضي الله عنها قبل الزواج بها .
فأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وحسن سيرته وحفظ الله تعالى له قبل كل شيء منعه من كل ما يخدش الرسالة أو ينافي الحياء والمروءة .
ولو حصل هذا - وحاشاه صلى الله عليه وسلم - لما سكت عنه كفار قريش ، ولعدوا ذلك عيبا عظيما ، ولتخذوه ذريعة في رد دينه ، وتشويه سمعته صلى الله عليه وسلم ولكن شيئاً من ذلك لم يكن ، بل كانوا يلقبونه صلى الله عليه وسلم قبل النبوة بـ الصادق و الأمين، ولم يطعنوا في عفته صلى الله عليه وسلم قط .
هذا ؛ ولتعلم يا أخي أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام – جميع الأنبياء- هم أكمل البشر وأفضلهم فإن الله تعالى لا يختار للرسالة إلا من هو أهل لها ، قال الله تعالى " اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ " الأنعام/124 .
قال ابن كثير رحمه الله :أي : هو أعلم حيث يضع رسالته ومن يصلح لها من خلقه، كقوله تعالى" وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ * أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ . . . الآية " . الزخرف/31 ، يعنون لو نزل هذا القرآن على رجل عظيم كبير جليل مبجل في أعينهم "مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ" أي مكة والطائف ، وذلك أنهم قبحهم اللّه كانوا يزدرون بالرسول صلوات اللّه وسلامه عليه بغيًا وحسدًا، وعنادًا واستكبارًا، كقوله تعالى مخبرًا عنه "وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُم بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ "، وقال تعالى "وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَٰذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا " ، وقال تعالى "وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ " . هذا وهم معترفون بفضله وشرفه ونسبه ، وطهارة بيته ومرباه ، ومنشئه صلى اللّهُ وملائكتُه والمؤمنون عليه ، حتى إنهم يسمونه بينهم قبل أن يوحى إليه "الأمين" ، وقد اعترف بذلك رئيس الكفار - أبو سفيان- حين سأله هرقل ملك الرو م : وكيف نسبه فيكم ؟ قال : هو فينا ذو نسب ، قال : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قال : لا.. الحديث بطوله الذي استدل ملك الروم بطهارة صفاته عليه السلام على صدق نبوته وصحة ما جاء به اهـ .
وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن الأنبياء معصومون من الكبائر ومن كل الذنوب التي تدل على دناءة فاعلها .
قال ابن العربي " فهذا محمد صلى الله عليه وسلم ما عصى قط ربه ، لا في حال الجاهلية ولا بعدها، تكرمة من الله وتفضلا وجلالًا ، أحله به المحل الجليل الرفيع …. وما زالت الأسباب الكريمة ، والوسائل السليمة تحيط به من جميع جوانبه " اهـ
وقال النووي رحمه الله :
اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاء اِخْتَلَفُوا فِي جَوَاز الْمَعَاصِي عَلَى الْأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِمْ , وَقَدْ لَخَصَّ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى مَقَاصِد الْمَسْأَلَة فَقَالَ : . . . وَأَمَّا الْمَعَاصِي فَلا خِلاف أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مِنْ كُلّ كَبِيرَة . . .
وَكَذَلِكَ لا خِلاف أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مِنْ الصَّغَائِر الَّتِي تُزْرِي بِفَاعِلِهَا وَتَحُطّ مَنْزِلَته وَتُسْقِط مُرُوءَته , وَاخْتَلَفُوا فِي وُقُوع غَيْرهَا مِنْ الصَّغَائِر مِنْهُمْ , فَذَهَبَ مُعْظَم الْفُقَهَاء وَالْمُحَدِّثِينَ وَالْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف إِلَى جَوَاز وُقُوعهَا مِنْهُمْ وَحُجَّتهمْ ظَوَاهِر الْقُرْآن وَالأَخْبَار وَذَهَبَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّحْقِيق وَالنَّظَر مِنْ الْفُقَهَاء وَالْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَئِمَّتنَا إِلَى عِصْمَتهمْ مِنْ الصَّغَائِر كَعِصْمَتِهِمْ مِنْ الْكَبَائِر , وَأَنَّ مَنْصِب النُّبُوَّة يَجِلّ عَنْ مُوَاقَعَتهَا وَعَنْ مُخَالَفَة اللَّه تَعَالَى عَمْدًا , وَتَكَلَّمُوا عَلَى الآيَات وَالأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي ذَلِكَ وَتَأَوَّلُوهَا , وَأَنَّ مَا ذُكِرَ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا كَانَ مِنْهُمْ عَلَى تَأْوِيل أَوْ سَهْو أَوْ مِنْ إِذْن مِنْ اللَّه تَعَالَى فِي أَشْيَاء أَشْفَقُوا مِنْ الْمُؤَاخَذَة بِهَا وَأَشْيَاء مِنْهُمْ قَبْل النُّبُوَّة , وَهَذَا الْمَذْهَب هُوَ الْحَقّ . . . هَذَا آخِر كَلام الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى وَاَللَّه أَعْلَم. اهـ
وإجلالًا لمنصب النبوة قال العلماء : إن من قذف نبياً من الأنبياء كفر ووجب قتله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى :35/123 :
اتفق الأئمة على أن من سب نبيا قتل اهـ والرمي بالزنى من أعظم السب . وراجع سؤال :22809 .
وقد ذكر ابن قدامة رحمه الله في المغني :12/405 :
أن من قذف أم النبي صلى الله عليه وسلم قتل ولو تاب ، مسلمًا كان أو كافرًا ، غير أنه إن تاب فتوبته مقبولة عند الله تعالى ، ولا يسقط عنه القتل بالتوبة ، لحق النبي صلى الله عليه وسلم .
ثم قال :
والحكم في قذف النبي صلى الله عليه وسلم كالحكم في قذف أمه لأن قذف أمه إنما أوجب القتل لكونه قذفًا للنبي صلى الله عليه وسلم وقدحًا في نسبه. اهـ
والله أعلم
انظر : زاد المعاد :1/77 ، السيرة النبوية الصحيحة للدكتور أكرم ضياء العمري :1/112-114 ، السيرة النبوية للدكتور مهدي رزق الله :ص 132 ، أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم للدكتور محمد سليمان الأشقر :1/139-165 ، أحكام القرآن الكريم :3/576.



المصدر: الإسلام سؤال وجواب .
فإن من القصص العظيمة التي تذكر لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في عهده عليه الصلاة والسلام؛ قصة تلك الزوجة الوفية، المخلصة النقية، التي دافعت عن زوجها صلى الله عليه وسلم، وكانت تقية؛ خديجة بنت خويلد -رضي الله تعالى عنها-، التي يجهل سيرتها الكثيرون، ولا يقدر حق قدرها إلا من عرف حياتها، واطلع على سيرتها.  
 وهاكم بعض الأحاديث الصحيحة في فضل هذه المرأة، وشأنها، تكون نبراسًا للنساء والرجال.
"سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يقولُ: خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ."الراوي : علي بن أبي طالب - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3432 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
ما غِرتُ على أحدٍ من أزواجِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ما غِرتُ على خَديجةَ ، وما بي أن أَكونَ أدرَكْتُها وما ذاكَ إلَّا لِكَثرةِ ذِكْرِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لَها ، وإن كانَ ليذبحُ الشَّاةَ فيتتبَّعُ بِها صَدايقَ خديجةَ فيُهْديها لَهُنَّ" الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : الألباني-  المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 3875 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.

"أَتَى جِبْرِيلُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ: هذِه خَدِيجَةُ قدْ أتَتْ معهَا إنَاءٌ فيه إدَامٌ، أوْ طَعَامٌ أوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هي أتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِن رَبِّهَا ومِنِّي وبَشِّرْهَا ببَيْتٍ في الجَنَّةِ مِن قَصَبٍ لا صَخَبَ فِيهِ، ولَا نَصَبَ"الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3820 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.

وفي ذلك منقبتان عظيمتان لأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها:
الأولى: إرسال الرب جل وعلا سلامه عليها مع جبريل وإبلاغ النبي صلى الله عليه وسلم لذلك، وهذه خاصة لا تعرف لامرأة سواها .زاد الميعاد لابن القيم:
1/105.
الثانية: البشرى لها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.

من قَصَبٍ:فُسر باللؤلؤ المجوف ."لا صَخَبٌ فِيه"، الصخب هو الضوضاء والأصوات المرتفعة، الإزعاج. 
"ولا نَصَبٌ" والنَّصَب هو التعب.
 قال الزبير "وكانت خديجة -رضي الله عنها- تدعى في الجاهلية الطاهرة، وماتت بعد المبعث بعشر سنين في شهر رمضان... فأقامت معه صلى الله عليه وسلم خمسًا وعشرين سنة" فتح الباري: 7/134.
وكذلك، فإنها ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين. 
"حسبُكَ مِن نساءِ العالَمينَ مَريمُ بِنتُ عِمرانَ ، وخَديجةُ بِنتُ خوَيْلدٍ ، وفاطمةُ بِنتُ محمَّدٍ ، وآسيةُ امرأةُ فِرعَونَ"الراوي : أنس بن مالك - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 3878 - خلاصة حكم المحدث : صحيح."حسبُكَ مِن نساءِ العالَمينَ"، أي: يَكْفيك من النِّساءِ الواصلةِ إلى مَراتبِ الكمالِ في الاقتِداءِ بهنَّ، وذكْرِ مَحاسِنِهنَّ ومَناقبِهنَّ، وزُهدِهنَّ في الدُّنيا وإقبالِهنَّ على العُقبى، فتَكْفيك مَعرِفَتُك بفضْلِهنَّ عن مَعرفةِ سائرِ النِّساءِ.الدرر.
وأثنى عليها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال:
"آمَنَتْ بي إذ كفَرَ بي الناسُ، وصدَّقَتْني إذ كذَّبَني الناسُ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَني الناسُ، ورزَقَني اللهُ عزَّ وجلَّ ولَدَها إذ حرَمَني أولادَ النِّساءِ."الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : شعيب الأرناؤوط - المصدر : تخريج المسند-الصفحة أو الرقم: 24864 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
*ربائب النبي صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها:تزوجت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها قبل أن تتزوج بالنبي صلى الله عليه وسلم برجلين توفي أحدهما ، ثم تزوجت الآخر وتوفي ، وأنجبت منهما .
الْأَوَّلُ : عَتِيقُ بْنُ عَائِذِ بْنِ مَخْزُومٍ ، فَوَلَدَتْ مِنْهُ جَارِيَةً وَهِيَ هند.
وَالثَّانِي : أَبُو هَالَةَ التَّمِيمِيُّ مالك بن النبّاش ، فَوَلَدَتْ لَهُ ثلاثة أبناء وهم ؛ هند - ذكر-وهالة والطاهر .
وقيل : تزوجت أولًا بأبي هالة ، ثم بعده بعتيق بن عائذ .
وهؤلاء الأربعة جميعًا أسلموا ونالوا شرف الصحبة، وقد ذكرهم العلماء في جملة الصحابة ، وبعضهم تولى بعض الأعمال لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
الإسلام سؤال وجواب.
عند وفاة زوجها الثاني كان عمرها خمسة وعشرين عامًا، ولم تتزوج حتى بلغت أربعين سنة رضي الله عنها وأرضاها .ثم تزوجت النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وعمره خمسة وعشرون عامًا ، ومن حبه لها لم يتزوج عليها في حياتها .
  ______________ 
بدء الوحي
حدثنا يحيى بن بكير ، قال:حدثنا الليث ، عن عقيل عن ابن شهاب ،ح وحدثني عبد الله بن محمد، قال:حدثنا عبد الرزاق، قال:حدثنا معمر قال الزهري فأخبرني عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت "أَوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرَى رُؤْيَا إلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، فَكانَ يَأْتي حِرَاءً فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ، وهو التَّعَبُّدُ، اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ، ويَتَزَوَّدُ لذلكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا، حتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ وهو في غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فِيهِ، فَقالَ: اقْرَأْ، فَقالَ له النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ"العلق: 1- حتَّى بَلَغَ - عَلَّمَ الإنْسَانَ ما لَمْ يَعْلَمْ"العلق: 5. فَرَجَعَ بهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ، حتَّى دَخَلَ علَى خَدِيجَةَ، فَقالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي" فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ، فَقالَ: يا خَدِيجَةُ، ما لي وأَخْبَرَهَا الخَبَرَ، وقالَ: قدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي فَقالَتْ له: كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ، ثُمَّ انْطَلَقَتْ به خَدِيجَةُ حتَّى أتَتْ به ورَقَةَ بنَ نَوْفَلِ بنِ أسَدِ بنِ عبدِ العُزَّى بنِ قُصَيٍّ وهو ابنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أخُو أبِيهَا، وكانَ امْرَأً تَنَصَّرَ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العَرَبِيَّ، فَيَكْتُبُ بالعَرَبِيَّةِ مِنَ الإنْجِيلِ ما شَاءَ اللَّهُ أنْ يَكْتُبَ، وكانَ شيخًا كَبِيرًا قدْ عَمِيَ، فَقالَتْ له خَدِيجَةُ: أيِ ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أخِيكَ، فَقالَ ورَقَةُ: ابْنَ أخِي مَاذَا تَرَى؟ فأخْبَرَهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما رَأَى، فَقالَ ورَقَةُ: هذا النَّامُوسُ الذي أُنْزِلَ علَى مُوسَى، يا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، أكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"أوَمُخْرِجِيَّ هُمْ " فَقالَ ورَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ، وإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ ورَقَةُ أنْ تُوُفِّيَ، وفَتَرَ الوَحْيُ فَتْرَةً "
 حتَّى حَزِنَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فِيما بَلَغَنَا، حُزْنًا غَدَا منه مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِن رُؤُوسِ شَوَاهِقِ الجِبَالِ، فَكُلَّما أوْفَى بذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ منه نَفْسَهُ تَبَدَّى له جِبْرِيلُ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّكَ رَسولُ اللَّهِ حَقًّا، فَيَسْكُنُ لِذلكَ جَأْشُهُ، وتَقِرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عليه فَتْرَةُ الوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذلكَ، فَإِذَا أوْفَى بذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى له جِبْرِيلُ فَقالَ له مِثْلَ ذلكَ."الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 6982 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
"مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ"، أي: صحيحةً صادقةً. "فيتحَنَّثُ فيه" أي: فيُكثِرُ هناك من عبادةِ الله تعالى لياليَ وأيَّامًا عديدةً، ويتزوَّدُ لذلك، ثمَّ يَرجِعُ إلى خديجةَ رَضِيَ الله عنها "فيتزَوَّدُ لِمِثلِها" أي: فيأخُذُ مِن خديجةَ زادًا جَديدًا يَصطَحِبُه معه إلى غارِ حِراء، واستمَرَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الخلوةِ والتعبُّدِ، حتى أشرَقَت عليه أنوارُ النبوَّةِ، ونزل عليه الوحيُ الصَّريحُ مُرسَلًا مِن رَبِّ العِزَّةِ، ولم يَشعُرْ إلَّا وجِبريلُ شاخِصٌ أمامَ عَينَيه يقولُ له "اقرأْ"، فأجابه صلَّى الله عليه وسلَّم: ما أنا بقارئٍ، أي: كيف أستطيعُ القراءةَ، وأنا أمِّيٌّ لا أقدِرُ عليها ولا عِلمَ لي بها. فأخَذَه جبريلُ فغَطَّه حتى بلغَ منه الجَهدَ، أي: فأمسَكَ به جبريلُ وضَمَّه ضَمَّةً شَديدةً، حتى بلغ منه أقصى ما تتحَمَّلُه الطَّاقةُ البَشَريَّةُ، وإنَّما فعل ذلك؛ إيناسًا له، وتقويةً لِنَفسِه، وتنشيطًا لِقَلبِه، على تلقِّي الوَحيِ الإلهيِّ، ثمَّ أطلَقَه....."بَوادِرُه" جمعُ بادرةٍ، وهي اللَّحمةُ التي بين الكَتِف والعُنق ، تَضطَرِبُ عند الفزعِ."زَمِّلوني زَمِّلوني" أي: غَطُّوني بالثِّيابِ ولُفُّوني بها.
ثمَّ "لَم يَنشَبْ" أي: لم يَلْبَثْ، ورقةُ أن تُوُفِّيَ، وفتَرَ الوَحيُ، أي: احتبَسَ فَترةً قُرابةَ ثَلاث سَنواتٍ. 
"حتَّى حَزِنَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فِيما بَلَغَنَا" الكلامُ مِن هنا إلى آخِرِ الحَديثِ مِن كلامِ الزُّهريِّ.
 وفي هذا شبهة أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلم حاول الانتحارَ.. وهذا من ضُروبِ الخَيالِ والتَّلفيقِ؛ لعِدَّةِ أسبابٍ:
أولًا: لم يَرِدْ عنه صلَّى الله عليه وسلم، أو عن صحابَتِه المقَرَّبِينَ له أو غيرِهم في ذلك شيءٌ لا صحيحٌ ولا ضعيفٌ.
ثانيًا: أنَّ مِن بَعدِ قَولِ عائشة"ثمَّ لم يَنشبْ ورقةُ أن توفِّي" ليس من نَصِّ الحديثِ، ولكنَّه مِن كلامِ الزُّهري الذي أخبَرَ بالحَديثِ على أنَّه بلاغٌ، فليس على شَرطِ البُخاريِّ في شَيءٍ؛ لأنها مقطوعة الإسنادِ مِن أوَّلِها.
ثالثًا: روى البخاري حديثِ نُزُولِ الوَحيِ أكثَرَ مِن مَرَّة دونَ ذِكرِ هذه القصَّة.

يُستَفادُ مِنَ الحديثِ الأمورُ التَّاليةُ:
1- إيمانُ وَرَقةَ بنِ نوفَل.
2- أنَّ رُؤيا النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والأنبياءِ جَميعًا وَحيٌ إلهيٌّ.
3- أنَّ أوَّلَ ما نَزَل من الوحيِ القُرآني"اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ".
4- أنَّ الخائِفَ لا ينبغي أن يُسأَلَ حتَّى يَهدأَ.
5- أنَّ مَكارِمَ الأخلاقِ سبَبٌ للسَّلامةِ مِن المَكارِه.
6- مدحُ الإنسانِ في وَجهِه بصِدقٍ إذا لم يُخشَ عليه الغُرورُ والإعجابُ بنَفسِه.
7- محاولةُ التَّخفيفِ عمَّن أصابه الفَزَع، والتَّسرية عنه، وتطمين قَلبِه، وتَهدِئة نفسِه.
8- فضلُ خَديجةَ رَضِيَ الله عنها ورَجاحةُ عَقْلِها، وحُسنُ تَصَرُّفهِا في المواقِفِ الصَّعبةِ.
9- على المُستَشارِ أن يوضِّحَ رأيَه، ويَدعَمَه بالأدلَّةِ المُقنِعة. الدرر السنية .
إنه موقف الزوجة الوفية ، الحصيفة الذكية ، التي تعرف فضل زوجها , وتستدل بمكارم أخلاقه وفضله على عظيم عناية الله به , وعلى المستقبل العظيم الذي ينتظره .
________________

أول من آمن به صلى الله عليه وسلم:

كان أول من آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من النساء، بل أول من آمن به على الإطلاق أم المؤمنين خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها -، فكانت أول من استمع إلى الوحي الإلهي من فم الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -


وبعد إيمان السيدة خديجة دخل علي بن أبي طالب في الإسلام، وكان أول من آمن من الصبيان، وكانت سنه إذ ذاك عشر سنين على أرجح الأقوال، وهو قول الطبري وابن إسحاق، وقد أنعم الله عليه بأن جعله يتربى في حجر رسوله - صلى الله عليه وسلم - قبل الإسلام، حيث أخذه من عمه أبي طالب وضمه إليه. وكان علي - رضي الله عنه - ثالث من أقام الصلاة بعد رسول الله وبعد خديجة رضي الله عنها.هنا.

الأربعاء، 25 ديسمبر 2019

قيام الليل للمسافر Taraweeh prayer for one who is travelling

قيام الليل للمسافر
Taraweeh prayer for one who is travelling

لما كان لشعائر شهر رمضان خصوصية لكل مسلم والنشاط في العبادات من السمات الظاهرة عليه , أريد أن أسأل عن أداء صلاة التراويح لمن هو في حكم المسافر ؟
 الحمد لله
صلاة التراويح في رمضان هي من قيام الليل ، الذي مدح الله أهله بقوله"  كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ " الذاريات/17 ، وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان وغيره ، ولم يترك قيام الليل حضرا ولا سفرا .
قال ابن القيم رحمه الله  "ولم يكن صلى الله عليه وسلم يدع قيام الليل حضرًا ولا سفرًا ، وكان إذا غلبه نوم أو وجع صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة" انتهى من "زاد المعاد" 1/311 .
وقد روى البخاري "945: عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءً ، صَلَاةَ اللَّيْلِ ، إِلَّا الْفَرَائِضَ ، وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ" .
وروى البخاري :1034- عن سَالِم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ مُسَافِرٌ ، مَا يُبَالِي حَيْثُ مَا كَانَ وَجْهُهُ . قَالَ ابْنُ عُمَرَ "وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ" .
والذي يتركه المسافر من النوافل إنما هو : راتبة الظهر القبلية والبعدية وراتبة المغرب وراتبة العشاء فقط ، أما ما عدا ذلك من الرواتب وسائر النوافل فهي مشروعة للمسافر والمقيم .
روى مسلم في صحيحه -1112- عن حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ ، فَصَلَّى لَنَا الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى جَاءَ رَحْلَهُ ، وَجَلَسَ وَجَلَسْنَا مَعَهُ فَحَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ نَحْوَ حَيْثُ صَلَّى ، فَرَأَى نَاسًا قِيَامًا ، فَقَالَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ ؟ قُلْتُ : يُسَبِّحُونَ -أي : يصلون الراتبة- قَالَ : لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْتُ صَلَاتِي ، يَا ابْنَ أَخِي ، إِنِّي صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ، وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ، وَصَحِبْتُ عُمَرَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ، ثُمَّ صَحِبْتُ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " . صحيح مسلم.
وَقَوْله " وَلَوْ كُنْت مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْت " مَعْنَاهُ : لَوْ اِخْتَرْت التَّنَفُّل لَكَانَ إِتْمَام فَرِيضَتِي أَرْبَعًا أَحَبّ إِلَيَّ , وَلَكِنِّي لَا أَرَى وَاحِدًا مِنْهُمَا , بَلْ السُّنَّة الْقَصْر وَتَرْك السنة الراتبة .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
ما رأيكم في المسافرين هل الأفضل لهم أن يصلوا التراويح في رمضان أم لا ؟ "وهم يقصرون الصلاة".
فأجابوا  "قيام رمضان سنة ، سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا أخذها عنه الصحابة رضوان الله عليهم وعملوا بها ، واستمرت إلى يومنا هذا ، وقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم صلاها ليالي فصلوها معه ، ثم تأخر وصلى في بيته باقي الشهر ، وقال"إني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها" ، وفي البخاري أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب فصلى بهم التراويح ، وثبت في الصحيحين من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة رضي الله عنها : كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قالت"ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة" وكان صلى الله عليه وسلم يسافر في رمضان، ومن ذلك سفره صلى الله عليه وسلم لفتح مكة، فقد خرج صلى الله عليه وسلم لعشر مضين من رمضان في سنة ثمان من الهجرة، قال ابن القيم"ولم يكن صلى الله عليه وسلم يدع قيام الليل حضرًا ولا سفرًا، وكان إذا غلبه نوم أو وجع صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة- وبذلك يتبين أنهم إذا صلوها في سفر فقد أصابوا السنة" انتهى ."فتاوى اللجنة الدائمة" 7/206 .
والحاصل : أن صلاة التراويح تستحب للمسافر كما تستحب للمقيم ؛ لمواظبته صلى الله عليه وسلم على قيام الليل في السفر والحضر .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لطاعته ومرضاته .
والله أعلم .



الإسلام سؤال وجواب *
 


Taraweeh prayer for one who is travelling
Since the rituals of Ramadaan are very special for every Muslim who becomes obviously religiously active. I would like to ask about a traveler’s taraweeh prayer.
Praise be to Allaah. Taraweeh prayer in Ramadaan is qiyaam al-layl, and Allaah praises those who do it in the verse (interpretation of the meaning):
“They used to sleep but little by night [invoking their Lord (Allaah) and praying, with fear and hope]”
[al-Dhaariyaat 51:17].
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) prayed qiyaam in Ramadaan and at other times, and he did not stop praying qiyaam whether he was travelling or not.
Ibn al-Qayyim (may Allaah have mercy on him) said: He (the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him)) did not stop praying qiyaam whether he was travelling or not. If he was overcome by sleep or pain, he would pray twelve rak’ahs during the day. End quote from Zaad al-Ma’aad (1/311).
Al-Bukhaari (945) narrated that Ibn ‘Umar (may Allaah be pleased with him) said: The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to pray qiyaam al-layl atop his camel when he was travelling, no matter what direction it was facing, gesturing to represent the movements of the prayer, apart from the obligatory prayers, and he would pray Witr atop his camel.
And al-Bukhaari narrated that Saalim ibn ‘Abd-Allaah ibn ‘Umar (may Allaah be pleased with him) said: ‘Abd-Allaah ibn ‘Umar (may Allaah be pleased with him) used to pray atop his mount at night when he was travelling, and he did not care what direction it was facing. Ibn ‘Umar said: The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) used to pray naafil prayers atop his camel, no matter what direction it was facing, and he would pray Witr like that too, but he did not pray the prescribed prayers like that.
The naafil prayers that the traveller may omit are the regular Sunnah prayers before and after Zuhr and the regular Sunnah prayers of Maghrib and ‘Isha’ only. As for all other regular Sunnah and naafil prayers, they are prescribed for both travellers and non-travellers.
Muslim narrated in his Saheeh (1112) that Hafs ibn ‘Aasim ibn ‘Umar ibn al-Khattaab said: “I accompanied Ibn ‘Umar on the way to Makkah. He led us in praying two rak’ahs of Zuhr prayer, then he left and we left with him until he came to where his luggage was. He sat down and we sat with him, then he looked towards the place where we had prayed, and he saw some people standing and he asked, ‘What are these people doing?’ I said, ‘They are praying voluntary prayers.’ He said, ‘If I wanted to pray (naafil or Sunnah prayers) after the fard prayer I would have completed my prayer (i.e., not shortened it).’ O son of my brother, I accompanied the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) whilst travelling and he did not add anything to these two rak’ahs until Allaah took him (in death); and I accompanied Abu Bakr and he did not add anything to these two rak’ahs until Allaah took him (in death); and I accompanied ‘Umar and he did not add anything to these two rak’ahs until Allaah took him (in death); and I accompanied ‘Uthmaan and he did not add anything to these two rak’ahs until Allaah took him (in death). And Allaah says (interpretation of the meaning):
‘Indeed in the Messenger of Allaah (Muhammad) you have a good example to follow’
[al-Ahzaab 33:21].”
The phrase “If I wanted to pray (naafil or Sunnah prayers) after the fard prayer I would have completed my prayer” means: If I had chosen to pray naafil prayers, then completing my obligatory prayer as four rak’ahs would have been dearer to me, but I do not think I should do either, because the Sunnah is to shorten the prayer and omit the regular Sunnah prayers too.
The scholars of the Standing Committee for Issuing Fatwas were asked:
What is your opinion on travellers – is it better for them to pray Taraweeh in Ramadaan or not? (They are shortening their prayers)
They replied:
Praying qiyaam in Ramadaan is Sunnah, and was established by the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him). Hence the Sahaabah (may Allaah be pleased with them) took that from him and followed him in that, and it has persisted until our own time. It is proven in al-Saheehayn from the hadeeth of ‘Aa’ishah that he (peace and blessings of Allaah be upon him) prayed Taraweeh for several nights and they prayed with him, then he stayed home and prayed in his house for the rest of the month, and said: “I was afraid that it might be made obligatory for you and you would not be able to do it.” In al-Bukhaari it is narrated that ‘Umar united the people behind Ubayy ibn Ka’b and he led them in praying Taraweeh. And it is proven in al-Saheehayn from the hadeeth of Abu Salamah ibn ‘Abd al-Rahmaan that he asked ‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her): How did the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) pray?
She said: He did not do more in Ramadaan or at any other time than eleven rak’ahs. He (peace and blessings of Allaah be upon him) traveled in Ramadaan, including when he travelled to conquer Makkah. He (peace and blessings of Allaah be upon him) set out on the tenth of Ramadaan in 8 AH. Ibn al-Qayyim said: He (the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him)) did not stop praying qiyaam whether he was travelling or not. If he was overcome by sleep or pain, he would pray twelve rak’ahs during the day. Thus it is clear that if they pray it whilst travelling they will be following the Sunnah. End quote.
Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah (7/206)
To sum up: Praying Taraweeh is mustahabb for the traveller as for the non-traveller, because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) persisted in praying qiyaam al-layl whether he was travelling or not.
We ask Allaah to hep us and you to obey Him and attain His pleasure.
And Allaah knows best.


Islam Q&A